في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبٗا مِّثۡلَ ذَنُوبِ أَصۡحَٰبِهِمۡ فَلَا يَسۡتَعۡجِلُونِ} (59)

وفي ضوء هذه الحقيقة الكبيرة ينذر الذين ظلموا فلم يؤمنوا ؛ واستعجلوا وعد الله ، وكذبوا . وتختم السورة بهذا الإنذار الأخير :

فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم . فلا يستعجلون . فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبٗا مِّثۡلَ ذَنُوبِ أَصۡحَٰبِهِمۡ فَلَا يَسۡتَعۡجِلُونِ} (59)

52

المفردات :

ذَنُوبا : نصيبا من العذاب ، وأصل الذنوب : الدلو العظيمة الممتلئة ماء ، فاستعيرت للنصيب مطلقا .

أصحابهم : نظرائهم .

التفسير :

59- { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ } .

لقد خلقت الجن والإنس لعبادتي ومعرفتي ، فمن خرج عن طاعتي وكفر برسلي ، وظلم نفسه فحرمها من معرفة الله وعبادته ، وشقَّ عصا الطاعة على المرسلين ، وكفر بالله رب العالمين ، هذا الظالم له نصيب من العذاب هو وإخوانه ، مثل نصيب أصحابهم الظالمين السابقين عليهم ، الذين أهلكهم الله بذنوبهم ، كقوم نوح وعاد وثمود ، وقوم لوط وفرعون وملئه .

قال قتادة :

سَجّلاَ من العذاب مثل سَجْل أصحابهم ، فلا يطلبوا منّي أن أعجّل في الإتيان بالعذاب قبل أوانه ، فهو لاحق بهم لا محالة . أه .

والسَّجل : الدَّلو المليئة ، فاستعيرت للنصيب مطلقا ، شرّا كان النصيب أو خيرا .

وقال الزمخشري في تفسير الكشاف :

هذا تمثيل ، أصله : السقاة يقتسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب . أه .

والخلاصة : سيقتسم كفار مكة نصيبهم من العذاب مثل أصحابهم المكذبين ، فلا يتعجلون هذا العذاب ، فإنه قادم لا محالة ، وإن الله لا يعجل لعجلة العباد ، ولا يدركه العجز عن تنفيذ ما أراد .

وهذا جواب عن قولهم : { فأْتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين . } ( هود : 32 ) .

ونحو الآية قوله تعالى : { أتى أمر الله فلا تستعجلوه . . } . ( النحل : 1 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبٗا مِّثۡلَ ذَنُوبِ أَصۡحَٰبِهِمۡ فَلَا يَسۡتَعۡجِلُونِ} (59)

{ 59-60 } { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ * فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ }

أي : وإن للذين ظلموا وكذبوا{[868]}  محمدًا صلى الله عليه وسلم ، من العذاب والنكال { ذَنُوبًا } أي : نصيبًا وقسطًا ، مثل ما فعل بأصحابهم من أهل الظلم والتكذيب .

{ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ } بالعذاب ، فإن سنة الله في الأمم واحدة ، فكل مكذب يدوم على تكذيبه من غير توبة وإنابة ، فإنه لا بد أن يقع عليه العذاب ، ولو تأخر عنه مدة ، ولهذا توعدهم الله بيوم القيامة ، فقال :


[868]:- في ب: بتكذيبهم.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبٗا مِّثۡلَ ذَنُوبِ أَصۡحَٰبِهِمۡ فَلَا يَسۡتَعۡجِلُونِ} (59)

ولما أقسم سبحانه على الصدق في وعيدهم ، ودل على ذلك حتى بجميع قصد أحوالهم على إرادته . وختم بقوته التي لا حد لها ، سبب عن ذلك إيقاعه بالمتوعدين ، فقال مؤكداً لأجل إنكارهم : { فإن للذين ظلموا } أي الذين أوقعوا الأشياء في غير مواقعها . ولما كان القسم على ما يوعدون بما يحمل المطر ، عبر عن نصيبهم الذي قدره عليهم من ذلك بقوله : { ذنوباً } أي خطاً من العذاب طويل الشر ، كأنه من طوله صاحب ذنب وهو على ذنوبهم { مثل ذنوب أصحابهم } أي الذين{[61475]} تقدم ظلمهم بتكذيب الرسل وهو في مشابهته له كالدلو الذي يساجل به دلو آخر ، وذلك دليل واضح على أن ما يوعدون صادق ، وأن الدين واقع { فلا يستعجلون * } أي يطلبوا أن آتيهم به قبل أوانه اللاحق به ، فإن ذلك لا يفعله إلا ناقص ، وأنا{[61476]} متعال عن ذلك لا أخاف الفوت ولا يلحقني عجز ولا أوصف به ، ولا بد أن أوقعه بهم في الوقت الذي قضيت به في الأزل ، لأنه أحق الأوقات بعقابهم لتكامل ذنوبهم ، وحينئذ تكون فيا له من تهديد ما أفظعه ، ووعيد ما أعظمه وأوجعه ، أمراً لا يدفعه دافع ، ولا يمنع من وقوعه مانع ، ولذلك سبب عنه قوله : { فويل } . .


[61475]:من مد، وفي الأصل: الذي.
[61476]:من مد، وفي الأصل: إنه.