محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبٗا مِّثۡلَ ذَنُوبِ أَصۡحَٰبِهِمۡ فَلَا يَسۡتَعۡجِلُونِ} (59)

{ فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون 59 } .

{ فإن للذين ظلموا } أي ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد بتكذيب الرسول ، / والإصرار على الشرك والبغي والفساد ، { ذنوبا } أي نصيبا وافرا من العذاب { مثل ذنوب أصحابهم } أي مثل أنصباء نظرائهم من الأمم المحكية . وأصل ( الذنوب ) الدلو العظيمة الممتلئة ماء ، أو القريبة من الامتلاء . وهي تذكّر وتؤنّث ، فاستعيرت للنصيب مطلقا ، شرا كالنصيب من العذاب في الآية ، أو خيرا كما في العطاء في قول عمرو بن شاس :{[6788]}

وفي كل حيّ قد خبطتَ بنعمة*** فَحُقَّ لِشَأْسٍ مِنْ نَدَاك ذَنُوبُ

وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماءَ بالذنوب ، فيعطى لهذا ذنوب ، ولآخر مثله .

{ فلا يستعجلون } أي لا يطلبوا مني أن أعجل به قبل أجله ، فإنه لا بد آتيهم ، ولكن في حينه ، المؤخر لحكمة .


[6788]:قائل البيت هو علقمه الفحل. من المفضلية رقم 119 التي مطلعها: طحا بك قلب في الحسان طروب *** بُعَيْدَ الشباب، عصر حان مشيب يقال: خبطه بخير: أعطاه من غير معرفة بينهما وشأس: هو أخو علقمة بن عبدة. والذنوب الدلو. أراد حظا ونصيبا.