نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبٗا مِّثۡلَ ذَنُوبِ أَصۡحَٰبِهِمۡ فَلَا يَسۡتَعۡجِلُونِ} (59)

ولما أقسم سبحانه على الصدق في وعيدهم ، ودل على ذلك حتى بجميع قصد أحوالهم على إرادته . وختم بقوته التي لا حد لها ، سبب عن ذلك إيقاعه بالمتوعدين ، فقال مؤكداً لأجل إنكارهم : { فإن للذين ظلموا } أي الذين أوقعوا الأشياء في غير مواقعها . ولما كان القسم على ما يوعدون بما يحمل المطر ، عبر عن نصيبهم الذي قدره عليهم من ذلك بقوله : { ذنوباً } أي خطاً من العذاب طويل الشر ، كأنه من طوله صاحب ذنب وهو على ذنوبهم { مثل ذنوب أصحابهم } أي الذين{[61475]} تقدم ظلمهم بتكذيب الرسل وهو في مشابهته له كالدلو الذي يساجل به دلو آخر ، وذلك دليل واضح على أن ما يوعدون صادق ، وأن الدين واقع { فلا يستعجلون * } أي يطلبوا أن آتيهم به قبل أوانه اللاحق به ، فإن ذلك لا يفعله إلا ناقص ، وأنا{[61476]} متعال عن ذلك لا أخاف الفوت ولا يلحقني عجز ولا أوصف به ، ولا بد أن أوقعه بهم في الوقت الذي قضيت به في الأزل ، لأنه أحق الأوقات بعقابهم لتكامل ذنوبهم ، وحينئذ تكون فيا له من تهديد ما أفظعه ، ووعيد ما أعظمه وأوجعه ، أمراً لا يدفعه دافع ، ولا يمنع من وقوعه مانع ، ولذلك سبب عنه قوله : { فويل } . .


[61475]:من مد، وفي الأصل: الذي.
[61476]:من مد، وفي الأصل: إنه.