{ إِنّ أَوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلّذِي بِبَكّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَالَمِينَ }
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : تأويله : إن أوّل بيت وضع للناس يعبد الله فيه مباركا وهدى للعالمين ، الذي ببكة . قالوا : وليس هو أوّل بيت وضع في الأرض ، لأنه قد كانت قبله بيوت كثيرة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا هناد بن السرّي ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن خالد بن عُرعرة ، قال : قام رجل إلى عليّ ، فقال : ألا تخبرني عن البيت ، أهو أوّل بيت وضع في الأرض ؟ فقال : لا ، ولكنه أوّل بيت وضع في البركة مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، قال : سمعت خالد ابن عرعرة قال : سمعت عليا ، وقيل له : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ } هو أول بيت كان في الأرض ؟ قال : لا قال : فأين كان قوم نوح ؟ وأين كان قوم هود ؟ قال : ولكنه أوّل بيت وضع للناس مباركا وهدى .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سأل حفص الحسنَ وأنا أسمع ، عن قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } قال : هو أول مسجد عبد الله فيه في الأرض .
حدثنا عبد الجبار بن يحيى الرملي ، قال : حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر في قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ } قال : قد كانت قبله بيوت ، ولكنه أوّل بيت وضع للعبادة .
حدثني محمد بن سنان ، قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، قال : حدثنا عباد ، عن الحسن ، قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ } يعبد الله فيه { للّذِي بِبكّةَ } .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } قال : وضع للعبادة .
وقال آخرون : بل هو أوّل بيت وضع للناس . ثم اختلف قائلو ذلك في صفة وضعه أوّل ، فقال بعضهم : خُلِق قبل جميع الأرضين ، ثم دْحِيَت الأرضون من تحته . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا شيبان ، عن الأعمش ، عن بكير بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة ، وكان إذا كان عرشه على الماء ، زِبْدَةً بيضاء ، فَدُحيت الأرض من تحته .
حدثني محمد بن عبد الله بن أبي الشوارب ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا خصيف ، قال : سمعت مجاهدا يقول : إن أوّل ما خلق الله الكعبة ، ثم دَحَى الأرض من تحتها .
حدثني محمد بن عمرو : قال حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ } كقوله : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ للنّاسِ } .
حدثني محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا وهُدًى للْعَالِمينَ } أمّا أوّل بيت ، فإنه يوم كانت الأرض ماء ، وكان زَبْدة على الأرض ، فلما خلق الله الأرض ، خلق البيت معها ، فهو أوّل بيت وضع في الأرض .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } قال : أوّل بيت وضعه الله عزّ وجلّ ، فطاف به آدم ومن بعده .
وقال آخرون موضع الكعبة ، موضع أوّل بيت وضعه الله في الأرض . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ذُكر لنا أن البيت هبط مع آدم حين هبط ، قال : أهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي . فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين ، حتى إذا كان زمن الطوفان زمن أغرق الله قوم نوح رفعه الله وطهره من أن يصيبه عقوبة أهل الأرض ، فصار معمورا في السماء . ثم إن إبراهيم تتبع منه أثرا بعد ذلك ، فبناه على أساس قديم كان قبله .
والصواب من القول في ذلك : ما قال جلّ ثناؤه فيه : إن أوّل بيت مبارك وهدى وضع للناس ، للذي ببكة . ومعنى ذلك : إن أوّل بيت وضع للناس : أي لعبادة الله فيه مباركا وهدى ، يعني : بذلك ومآبا لنسك الناسكين وطواف الطائفين ، تعظيما لله وإجلالاً له¹ للّذي ببكة¹ لصحة الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ما :
حدثنا به محمد بن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، قال : قلت يا رسول الله ، أيّ مسجد وضع أوّل ؟ قال : «المَسْجدُ الحَرامُ » قال : ثم أيّ ؟ قال : «المَسْجدُ الأقْصَى » قال : كم بينهما ؟ قال : أرْبَعُونَ سَنَةٌ » .
فقد بين هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن المسجد الحرام هو أوّل مسجد وضعه الله في الأرض على ما قلنا ، فأما في وضعه بيتا بغير معنى بيت للعبادة والهدى والبركة ، ففيه من الاختلاف ما قد ذكرت بعضه في هذا الموضع وبعض في سورة البقرة وغيرها من سور القرآن وبينت الصواب من القول عندنا في ذلك بما أغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع .
وأما قوله : { للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } فإنه يعني : للبيت الذي بمزدحم الناس لطوافهم في حجهم وعمرهم وأصل البكّ : الزحم ، يقال منه : بَكّ فلان فلانا : إذا زحمه وصدمه ، فهو يَبُكّه بَكّا ، وهم يَتَباكّون فيه : يعني به : يتزاحمون ويتصادمون فيه ، فكان بَكّة : «فَعْلَة » من بَكّ فلانٌ فلانا : زحمه ، سميت البقعة بفعل المزدحمين بها . فإذا كانت بكة ما وصفنا ، وكان موضع ازدحام الناس حول البيت ، وكان لا طواف يجوز خارج المسجد ، كان معلوما بذلك أن يكون ما حول الكعبة من داخل المسجد ، وأن ما كان خارج المسجد فمكة لا بكة¹ لأنه لا معنى خارجه يوجب على الناس التباكّ فيه . وإذا كان ذلك كذلك كان بيّنا بذلك فساد قول من قال بكة : اسم لبطن مكة ، ومكة : اسم للحرم .
ذكر من قال في ذلك ما قلنا ، من أن بكة في موضع مزدحم الناس للطواف :
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن أبي مالك الغفاري في قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } قال : بكة : موضع البيت ، ومكة : ما سوى ذلك .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن أبي جعفر ، قال : مرّت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي ، وهي تطوف بالبيت ، فدفعها . قال أبو جعفر : إنها بكة يبكّ بعضها بعضا .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا سلمة ، عن مجاهد ، قال : إنما سميت بكّة ، لأن الناس يتباكّون فيها ، الرجال والنساء .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حماد ، عن سعيد ، قال : قلت أيّ شيء سميت بكة ؟ قال : لأنهم يتباكّون فيها ، قال : يعني يتزاحمون .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأسود بن قيس ، عن أخيه ، عن ابن الزبير ، قال : إنما سميت بكة لأنهم يأتونها حجاجا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ مُبارَكا } فإن الله بكّ به الناس جميعا ، فيصلي النساء قدّام الرجال ، ولا يصلح ببلد غيره .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : «بكة » : بكّ الناسُ بعضهم بعضا ، الرجال والنساء يصلي بعضهم بين يدي بعض ، لا يصلح ذلك إلا بمكة .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي ، قال : «بكة » : موضع البيت ، و «مكة » : ما حولها .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن أزهر ، عن غالب بن عبيد الله أنه سأل ابن شهاب عن بكة . قال : «بكة » البيت والمسجد . وسأله عن مكة . فقال ابن شهاب : «مكة » : الحرم كله .
حدثنا الحسين . قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج . عن عطاء ومجاهد ، قالا «بكة » : بكّ فيها الرجال والنساء .
حدثني عبد الجبار بن يحيى الرملي . قال : قال ضمرة بن ربيعة : «بكة » : المسجد . و«مكة » : البيوت . وقال بعضهم بما :
حدثني به يحيى بن أبي طالب . قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : { إنّ أوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبكّةَ } قال : هي مكة .
وقيل : { مُبارَكا } لأن الطواف به مغفرة للذنوب ، فأما نصب قوله : { مُبَاركا } فإنه على الخروج من قوله : { وُضِعَ }¹ لأن في «وضع » ذكرا من البيت هو به مشغول وهو معرفة ، و «مبارك » نكرة لا يصلح أن يتبعه في الإعراب . وأما على قول من قال : هو أول بيت وضع للناس على ما ذكرنا في ذلك قول من ذكرنا قوله ، فإنه نصب على الحال من قوله : { للّذِي بِبكّةَ }¹ لأن معنى الكلام على قولهم : إن أوّل بيت وضع للناس ، البيت ببكة مباركا . فالبيت عندهم من صفته «الذي ببكة » ، و «الذي » بصلته معرفة ، و «المبارك » نكرة¹ فنصب على القطع منه في قول بعضهم . وعلى الحال في قول بعضهم . و «هدى » في موضع نصب على العطف على قوله «مباركا » .
{ إن أول بيت وضع للناس } أي وضع للعبادة وجعل متعبدا لهم ، والواضع هو الله تعالى . ويدل عليه أنه قرئ على البناء للفاعل . { للذي ببكة } للبيت الذي { ببكة } ، وهي لغة في مكة كالنبيط والنميط ، وأمر راتب وراتم ولازب ولازم ، وقيل هي موضع المسجد . ومكة البلد من بكة إذا زحمه ، أو من بكة إذا دقه فإنها تبك أعناق الجبابرة روي ( أنه عله الصلاة والسلام سئل عن أول بيت وضع للناس فقال : المسجد الحرام ، ثم بيت المقدس . وسئل كم بينهما فقال أربعون سنة ) . وقيل أول من بناه إبراهيم ثم هدم فبناه قوم من جرهم ، ثم العمالقة ، ثم قريش . وقيل هو أول بيت بناه آدم فانطمس في الطوفان ، ثم بناه إبراهيم . وقيل : كان في موضعه قبل آدم بيت يقال له الضراح يطوف به الملائكة ، فلما أهبط آدم أمر بأن يحجه ويطوف حوله ورفع في الطوفان إلى السماء الرابعة تطوف به ملائكة السماوات وهو لا يلائم ظاهر الآية . وقيل المراد إنه أول بيت بالشرف لا بالزمان . { مباركا } كثير الخير والنفع لمن حجه واعتمره واعتكف دونه وطاف حوله ، حال من المستكن في الظرف { وهدى للعالمين } لأنه قبلتهم ومتعبدهم ، ولأن فيه آيات عجيبة كما قال :
{ فيه آيات بينات } كانحراف الطيور عن موازاة البيت على مدى الأعصار ، وأن ضواري السباع تخالط الصيود في الحرم ولا تتعرض لها ، وإن كل جبار قصده بسوء قهره الله كأصحاب الفيل . والجملة مفسرة للهدى ، أو حال أخرى . { مقام إبراهيم } مبتدأ محذوف خبره أي منها مقام إبراهيم ، أو بدل من آيات بدل البعض من الكل . وقيل عطف بيان على أن المراد بالآيات أثر القدم في الصخرة الصماء وغوصها فيها إلى الكعبين ، وتخصيصها بهذه الإلانة من بين الصخار وإبقاؤه دون سائر آثار الأنبياء وحفظه مع كثرة أعدائه ألوف سنة . ويؤيده أنه قرئ " آية " بينة على التوحيد . وسبب هذا الأثر أنه لما ارتفع بنيان الكعبة قام على هذا الحجر ليتمكن من رفع الحجارة فغاصت فيه قدماه . { ومن دخله كان آمنا } جملة ابتدائية ، أو شرطية معطوفة من حيث المعنى على مقام لأنه في معنى أمن من دخله أي ومنها أمن من دخله ، أو فيه آيات بينات مقام إبراهيم وأمن من دخله . اقتصر بذكرهما من الآيات الكثيرة وطوى ذكر غيرهما كقوله عليه السلام " حبب إلي من دنياكم ثلاث : الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة " لأن فيها غنية عن غيرها في الدارين بقاء الأثر مدى الدهر والأمن من العذاب يوم القيامة ، قال عليه السلام : " من مات في أحد الحرمين ، بعث يوم القيامة آمنا " . وعند أبي حنيفة من لزمه القتل بردة أو قصاص أو غيرهما والتجأ إلى الحرم لم يتعرض له ولكن ألجئ إلى الخروج { ولله على الناس حج البيت } قصده للزيارة على الوجه المخصوص . وقرئ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص ( حج ) بالكسر وهي لغة نجد . { من استطاع إليه سبيلا } بدل من الناس بدل البعض من الكل مخصص له ، وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستطاعة " بالزاد والراحلة " وهو يؤيد قول الشافعي رضي الله عنه إنها بالمال ، ولذلك أوجب الاستنابة على الزمن إذا وجد أجرة من ينوب عنه . وقال مالك رحمه الله تعالى إنها بالبدن فيجب على من قدر على المشي والكسب في الطريق . وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إنها بمجموع الأمرين . والضمير في إليه للبيت ، أو الحج وكل ما أتى إلى الشيء فهو سبيله . { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } وضع كفر موضع من لم يحج تأكيدا لوجوبه وتغليظا على تاركه ، ولذلك قال عليه السلام " من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا " وقد أكد أمر الحج في هذه الآية من وجوه الدلالة على وجوه بصيغة الخبر ، وإبرازه في الصورة الإسمية وإيراده على وجه يفيد أنه حق واجب لله تعالى في رقاب الناس ، وتعميم الحكم أولا ثم تخصيصه ثانيا فإنه كإيضاح بعد إيهام وتثنية وتكرير للمراد ، وتسمية ترك الحج كفرا من حيث إنه فعل الكفرة ، وذكر الاستغناء فإنه في هذا الموضع مما يدل على المقت والخذلان وقوله : { عن العالمين } يدل عليه لما فيه من مبالغة التعميم والدلالة على الاستغناء عنه بالبرهان والإشعار بعظم السخط ، لأنه تكليف شاق جامع بين كسر النفس وإتعاب البدن وصرف المال والتجرد عن الشهوات والإقبال على الله . روي ( أنه لما نزل صدر الآية جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرباب الملل فخطبهم وقال إن الله تعالى : كتب عليكم الحج فحجوا فآمنت به ملة واحدة وكفرت به خمس ملل فنزل ومن كفر ) .