في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَكۡثَرَ شَيۡءٖ جَدَلٗا} (54)

47

ولقد كان لهم عنها مصرف ، لو أنهم صرفوا قلوبهم من قبل للقرآن ، ولم يجادلوا في الحق الذي جاء به ، وقد ضرب الله لهم فيه الأمثال ونوعها لتشمل جميع الأحوال :

( ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل ، وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) . .

ويعبر السياق عن الإنسان في هذا المقام بأنه ( شيء ) وأنه أكثر شيء جدلا . ذلك كي يطامن الإنسان من كبريائه ، ويقلل من غروره ، ويشعر أنه خلق من مخلوقات الله الكثيرة . وأنه أكثر هذه الخلائق جدلا . بعد ما صرف الله في هذا القرآن من كل مثل .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَكۡثَرَ شَيۡءٖ جَدَلٗا} (54)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ صَرّفْنَا فِي هََذَا الْقُرْآنِ لِلنّاسِ مِن كُلّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً } .

يقول عزّ ذكره : ولقد مثلنا في هذا القرآن للناس من كلّ مثل ، ووعظناهم فيه من كلّ عظة ، واحتججنا عليهم فيه بكلّ حجة ليتذكّروا فينيبوا ، ويعتبروا فيتعظوا ، وينزجروا عما هم عليه مقيمون من الشرك بالله وعبادة الأوثان وكانَ الإنْسانُ أكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً يقول : وكان الإنسان أكثر شيء مراء وخصومة ، لا ينيب لحقّ ، ولا ينزجر لموعظة ، كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وكانَ الإنْسانُ أكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً قال : الجدل : الخصومة ، خصومة القوم لأنبيائهم ، وردّهم عليهم ما جاءوا به . وقرأ : مَا هَذَا إلاّ بَشرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمّا تَأْكُلُونَ منه وَيَشْرَبُ مِمّا تَشْرَبُونَ . وقرأ : يُرِيدُ أنْ يَتَفَضّلَ عَلَيْكُمْ . وقرأ : حتى تُوَفّى . . . الاَية : وَلَوْ نَزّلْنا عَلَيْكَ كِتابا فِي قِرْطاسٍ . . . الاَية . وقرأ : وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بابا مِنَ السّماءِ فَظَلّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ قال : هم ليس أنت لقالوا إنّمَا سُكّرَت أبْصَارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ .