في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ بَعَثَ لَكُمۡ طَالُوتَ مَلِكٗاۚ قَالُوٓاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ عَلَيۡنَا وَنَحۡنُ أَحَقُّ بِٱلۡمُلۡكِ مِنۡهُ وَلَمۡ يُؤۡتَ سَعَةٗ مِّنَ ٱلۡمَالِۚ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰهُ عَلَيۡكُمۡ وَزَادَهُۥ بَسۡطَةٗ فِي ٱلۡعِلۡمِ وَٱلۡجِسۡمِۖ وَٱللَّهُ يُؤۡتِي مُلۡكَهُۥ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (247)

243

( وقال لهم نبيهم : إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا . قالوا : أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ، ولم يؤت سعة من المال ؟ قال : إن الله اصطفاه عليكم ، وزاده بسطة في العلم والجسم . والله يؤتي ملكه من يشاء . والله واسع عليم ) . .

وفي هذه اللجاجة تتكشف سمة من سمات إسرائيل التي وردت الإشارات إليها كثيرة في هذه السورة . . لقد كان مطلبهم أن يكون لهم ملك يقاتلون تحت لوائه . ولقد قالوا : إنهم يريدون أن يقاتلوا ( في سبيل الله ) . فها هم أولاء ينغضون رؤوسهم ، ويلوون اعناقهم ، ويجادلون في اختيار الله لهم كما أخبرهم نبيهم ؛ ويستنكرون أن يكون طالوت - الذي بعثه الله لهم - ملكا عليهم . لماذا ؟ لأنهم أحق بالملك منه بالوراثة . فلم يكن من نسل الملوك فيهم ! ولأنه لم يؤت سعة من المال تبرر التغاضي عن أحقية الوراثة ! . . وكل هذا غبش في التصور ، كما أنه من سمات بني إسرائيل المعروفة . .

ولقد كشف لهم نبيهم عن أحقيته الذاتية ، وعن حكمة الله في اختياره :

( قال : إن الله اصطفاه عليكم ، وزاده بسطة في العلم والجسم . والله يؤتي ملكه من يشاء . والله واسع عليم ) . .

إنه رجل قد اختاره الله . . فهذه واحدة . . وزاده بسطة في العلم والجسم . . وهذه أخرى . . والله ( يؤتي ملكه من يشاء ) . . فهو ملكه ، وهو صاحب التصرف فيه ، وهو يختار من عباده من يشاء . . ( والله واسع عليم ) . . ليس لفضله خازن وليس لعطائه حد . وهو الذي يعلم الخير ، ويعلم كيف توضع الأمور في مواضعها . .