بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ بَعَثَ لَكُمۡ طَالُوتَ مَلِكٗاۚ قَالُوٓاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ عَلَيۡنَا وَنَحۡنُ أَحَقُّ بِٱلۡمُلۡكِ مِنۡهُ وَلَمۡ يُؤۡتَ سَعَةٗ مِّنَ ٱلۡمَالِۚ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰهُ عَلَيۡكُمۡ وَزَادَهُۥ بَسۡطَةٗ فِي ٱلۡعِلۡمِ وَٱلۡجِسۡمِۖ وَٱللَّهُ يُؤۡتِي مُلۡكَهُۥ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (247)

ثم بيّن لهم القصة بقوله : { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا } ، يعني قال : أجابكم ربكم إلى ما سألتم من بعث ملك تقاتلون في سبيل الله معه ، وقد جعل لكم طالوت ملكاً ؛ وكان طالوت فيهم حقير الشأن ، وكانت النبوة في بني لاوي بن يعقوب ، والملك في سبط يهوذا . ولم يكن طالوت من أهل بيت النبوة ولا من أهل بيت الملك . ويقال : كان رجلاً يبيع الخمر ، ويقال : كان بقاراً ، ويقال : كان دباغاً ، ولكنه كان عالماً فرفعه الله بعلمه . { قَالُواْ أنى يَكُونُ لَهُ الملك عَلَيْنَا } ، يعني المسلمون قالوا لنبيهم : من أين يكون له الملك { عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بالملك مِنْهُ } ؟ لأن منا الملوك . { وَلَمْ يُؤْتَ } طالوت { سَعَةً مّنَ المال } ينفق علينا . والملك يحتاج إلى مال ينفق على جنوده وأعوانه .

{ قَالَ } لهم نبيهم عليه السلام : { إِنَّ الله اصطفاه عَلَيْكُمْ } ، يعني اختاره عليكم { وَزَادَهُ بَسْطَةً } ، أي فضيلة { فِي العلم والجسم } ؛ وكان رجلاً جسيماً وكان عالماً . ويقال : كان عالماً بأمر الحرب . { والله يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء والله واسع عَلِيمٌ } .

والواسع في اللغة : هو الغني . ويقال : { واسع } بعطية الملك ، { عالم } لمن يعطيه . ويقال : { واسع } يعني باسط الرزق ، { عليم } بمن يصلح له الملك . فظنوا أنه يقول لهم من ذات نفسه . وقالوا له : إن كان الله تعالى أمرك بذلك ، فأتنا بآية قال الله تعالى : { وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التابوت }