الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَدۡ بَعَثَ لَكُمۡ طَالُوتَ مَلِكٗاۚ قَالُوٓاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ عَلَيۡنَا وَنَحۡنُ أَحَقُّ بِٱلۡمُلۡكِ مِنۡهُ وَلَمۡ يُؤۡتَ سَعَةٗ مِّنَ ٱلۡمَالِۚ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰهُ عَلَيۡكُمۡ وَزَادَهُۥ بَسۡطَةٗ فِي ٱلۡعِلۡمِ وَٱلۡجِسۡمِۖ وَٱللَّهُ يُؤۡتِي مُلۡكَهُۥ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (247)

246

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة قال : كان طالوت سقاء يبيع الماء .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله { قالوا أنى يكون له الملك علينا } قال : لم يقولوا ذلك ، إلا أنه كان في بني إسرائيل سبطان كان في أحدهما النبوة وفي الآخر الملك ، فلا يبعث نبي إلا من كان من سبط النبوة ، ولا يملك على الأرض أحد إلا من كان من سبط الملك ، وأنه ابتعث طالوت حين ابتعثه وليس من أحد السبطين { قال إن الله اصطفاه } يعني اختاره عليكم .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك في قوله { أنى } يعني من أين .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس { وزاده بسطة } يقول : فضيلة { في العلم والجسم } يقول : كان عظيما جسيما يفضل بني إسرائيل بعنقه .

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه في قوله { وزاده بسطة في العلم } قال : العلم بالحرب .

وأخرج ابن جرير عن وهب في قوله { والجسم } قال : كان فوق بني إسرائيل بمنكبيه فصاعدا .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد { والله يؤتي ملكه من يشاء } قال : سلطانه .

وأخرج ابن المنذر عن وهب أنه سئل أنبي كان طالوت ؟ قال : لا ، لم يأته وحي .

وأخرج اسحق بن بشر في المبتدأ وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس ومن طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله { ألم تر إلى الملأ } يعني ألم تخبر يا محمد عن الملأ { من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم } اشمويل { ابعث لنا ملكا نقاتل } إلى قوله { وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا } يعني أخرجتنا العمالقة ، وكان رأس العمالقة يومئذ جالوت ، فسأل الله نبيهم أن يبعث لهم ملكا .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد { ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى } قال : هم الذين قال الله ( ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ( النساء الآية 77 ) .

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير { ونحن أحق بالملك منه } قال : لأنه لم يكن من سبط النبوة ولا من سبط الخلافة .

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : بعث الله لهم طالوت ملكا وكان من سبط لم تكن فيه مملكة ولا نبوة ، وكان في بني إسرائيل سبطان سبط نبوة وسبط مملكة ، فكان سبط النبوة سبط لاوي ، وكان سبط المملكة سبط يهوذا ، فلما بعث طالوت من غير سبط النبوة والمملكة أنكروا ذلك وعجبوا منه و { قالوا أنى يكون له الملك علينا } قالوا : كيف يكون له الملك وليس من سبط النبوة ولا المملكة .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبيدة قال : كان في بني إسرائيل رجل له ضرتان ، وكانت إحداهما تلد والأخرى لا تلد ، فاشتد على التي لا تلد فتطهرت ، فخرجت إلى المسجد لتدعو الله فلقيها حكم على بني إسرائيل - وحكماؤهم الذين يدبرون أمورهم - فقال : أين تذهبين ؟ قالت : حاجة لي إلى ربي . قال : اللهم اقض لها حاجتها فعلقت بغلام وهو الشمول ، فلما ولدت جعلته محررا ، وكانوا يجعلون المحرر إذا بلغ السعي في المسجد يخدم أهله ، فلما بلغ الشمول السعي دفع إلى أهل المسجد يخدم ، فنودي الشمول ليلة ، فأتى الحكم فقال : دعوتني ؟ فقال : لا ، فلما كانت الليلة الأخرى دعي ، فأتى الحكم فقال : دعوتني ؟ فقال : لا ، وكان الحكم يعلم كيف تكون النبوة فقال : دعيت البارحة الأولى ؟ قال : نعم . قال : ودعيت البارحة ؟ قال : نعم . قال : فإن دعيت الليلة فقل لبيك وسعديك والخير بين يديك والمهدي من هديت ، أنا عبدك بين يديك مرني بما شئت .

فأوحي إليه ، فأتى الحكم فقال : دعيت الليلة ؟ قال : نعم ، وأوحي إلي . قال : فذكرت لك بشيء ؟ قال : لا عليك أن لا تسألني . قال : ما أبيت أن تخبرني إلا وقد ذكرت لك شيء من أمري ، فألح عليه وأبى أن يدعه حتى أخبره . فقال : قيل لي : إنه قد حضرت هلكتك وارتشى ابنك في حكمك ، فكان لا يدبر أمرا إلا انتكث ولا يبعث جيشا إلا هزم ، حتى بعث جيشا وبعث معهم بالتوراة يستفتح بها فهزموا ، وأخذت التوراة فصعد المنبر وهو آسف غضبان ، فوقع فانكسرت رجله أو فخذه فمات من ذلك ، فعند ذلك قالوا لنبيهم : ابعث لنا ملكا وهو الشمول بن حنة العاقر .