تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الزمر وهي مكية

{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } : يخبر تعالى عن عظمة القرآن ، وجلالة من تكلم به ونزل منه ، وأنه نزل من اللّه العزيز الحكيم ، أي : الذي وصفه الألوهية للخلق ، وذلك لعظمته وكماله ، والعزة التي قهر بها كل مخلوق ، وذل له كل شيء ، والحكمة في خلقه وأمره .

فالقرآن نازل ممن هذا وصفه ، والكلام وصف للمتكلم ، والوصف يتبع الموصوف ، فكما أن اللّه تعالى هو الكامل من كل وجه ، الذي لا مثيل له ، فكذلك كلامه كامل من كل وجه لا مثيل له ، فهذا وحده كاف في وصف القرآن ، دال على مرتبته .

ولكنه - مع هذا - زاد بيانا لكماله بمن نزل عليه ، وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم ، الذي هو أشرف الخلق فعلم أنه أشرف الكتب ، وبما نزل به ، وهو الحق ، فنزل بالحق الذي لا مرية فيه ، لإخراج الخلق من الظلمات إلى النور ، ونزل مشتملا على الحق في أخباره الصادقة ، وأحكامه العادلة ، فكل ما دل عليه فهو أعظم أنواع الحق ، من جميع المطالب العلمية ، وما بعد الحق إلا الضلال .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة :

هذه السورة مكية كلها في قول أكثر العلماء . وقيل : باستثناء آيتين فهم مدنيتان . وقيل : باستثناء سبع آيات .

وهذه السورة مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأه من القرآن في كل ليلة . وهي سورة تتندّى منها الآيات والعبر وتفيض منها المواعظ والدلائل وألوان المعاني . ويأتي في طليعة ذلك كله التنديد بالشرك وعبادة الأوثان واتخاذ الأنداد والشركاء من دون الله .

وفي السورة تحضيض عظيم ومؤثر على الإيمان وحده وإفراده بالإلهية فالله وحده الخالق المعبود ، وما سواه من أجزاء هذا الوجود خليق به أن يذعن لله بالخضوع والاستسلام .

وتتضمن السورة حججا وبينات شتى في الحياة والطبيعة على عظيم صنع الله وبالغ حكمته وقدرته .

وفي السورة إنذار من الله مجلجل ومخُوف بأن الناس جميعا ميتون لا محالة .

فالخليقة صائرة إلى نهايتها المحتومة التي لا ريب فيها وهي الموت . { إنك ميَّت وإنهم ميّتون } .

وفي السورة بيان من الله مذهل بما هو آتٍ على الكون نمن نفخ في الصور . وهما نفختان عظيمتان مريعتان . فنفخة الصعق لتموت الأحياء كافة ، ثم نفخة البعث والنشور لملاقاة الحساب ، ثم يساق بعد ذلك زمرا فإما إلى الجنة وإما إلى النار .

{ تَنْزِيلُ } مرفوع على أنه مبتدأ . و { مِنَ اللَّهِ } خبر . أو يكون { تَنْزِيلُ } خبرا لمبتدأ محذوف وتقديره : هذا تنزيل . والمراد بالكتاب القرآن ؛ فهو تنزيل من عند الله { الْعَزِيزِ } أي القوي ، المنيع الجناب { الْحَكِيمِ } في أقواله وأفعاله وأحكامه وتقديره وتدبيره .