تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الزمر وهي مكية

قوله تعالى : { تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } يقول ، والله أعلم : أن الكتاب الذي يتلوه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ويدعوكم إليه ، هو تنزيل من عند الله ، كقوله : { نزل به الروح الأمين } { على قلبك لتكون من المنذرين } [ الشعراء : 193 و194 ] .

وقوله عز وجل : { العزيز الحكيم } على إثر قوله { تنزيل الكتاب من الله } يخرج ، والله أعلم على أنه يدعوكم محمد صلى الله عليه وسلم إلى اتباع الكتاب والطاعة له ، ليس لذل به ، يطلب بكم العز ، وضعف في التدبير ، فيطلب بكم الاستعانة فيه ؛ لأنه عزيز بذاته ، حكيم ، لا يلحقه الخطأ أو الضعف في التدبير ، ولكن إنما أمركم بما أمر ، ونهاكم عما نهى لتكتسبوا لأنفسكم ، ولتنتفعوا به . فإن الله سبحانه عزيز بذاته ، غني ، حكيم بنفسه .

وقال بعضهم : هو العزيز لأن كل عزيز دونه يصير ذليلا عنده ، وعز من دونه عند عزه يصير ذلا .

والحكيم ، هو المصيب في فعله وتدبيره . وقيل : هو الذي وضع كل شيء موضعه .

وقال بعض أهل التأويل : العزيز ، هو المنيع ، وتأويل المنيع الممتنع عن جميع مكايد الخلق وجميع حيلهم بالضرر له ، وقد ذكرنا هذا في غير موضع ، والله أعلم .