إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الزمر مكية إلا قوله { قل يا عبادي } الآية وآياتها خمس وسبعون أو اثنتان وسبعون

{ تَنزِيلُ الكتاب } خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ هو اسم إشارة أُشير به إلى السُّورةِ تنزيلاً لها منزلةَ الحاضر المُشارِ إليه لكونها على شرف الذِّكرِ والحضورِ كما مرَّ مراراً . وقد قيل هو ضميرٌ عائد إلى الذِّكرِ في قوله تعالى : { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ للعالمين } [ سورة الأنعام ، الآية90 ] وقوله تعالى : { مِنَ الله العزيز الحكيم } صلة للتَّنزيلِ أو خبرٌ ثانٍ أو حالٌ من التَّنزيلِ عاملُها معنى الإشارة أو من الكتابِ الذي هو مفعولٌ معنى ، عاملُها المضاف ، وقيل هو خبرٌ لتنزيلُ الكتابِ ، والوجهُ الأَوَّلُ أو في بمقتضى المقامِ الذي هو بيانُ أنَّ السُّورةَ أو القُرآنَ تنزيلُ الكتابِ من الله تعالى لا بيانُ أنَّ تنزيلَ الكتابِ منه تعالى لا من غيرِه كما يفيده الوجهُ الأخيرُ . وقُرئ تنزيلَ الكتابِ بالنَّصبِ على إضمار فعلٍ نحو اقرأْ أو الزمْ . والتَّعرُّضُ لوصفَيْ العزَّةِ والحكمة للإيذانِ بظهور أثريهما في الكتابِ بجريانِ أحكامِه ونفاذ أوامره ونواهيه من غير مُدافعٍ ولا ممانع ، وبابتناءِ جميع ما فيه على أساس الحِكَمِ الباهرةِ .