سورة " الزمر " مكية إلا قوله : { يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } . وهي خمس وسبعون آية ، وألف ومائة واثنتان وتسعون كلمة ، وأربعة آلاف وسبعمائة وثمانية أحرف .
قوله تعالى : { تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم } في «تنزيل » وجهان :
أحدهما : أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا تنزيل . وقال أبو حيان : وأقول : إنه خبر والمبتدأ «هو » ليعود على قوله : { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } [ يوسف : 104 ] كأنه قيل : وهذا الذكر ما هو ؟ فقيل : هو تنزيلُ الكِتَابِ .
الثاني : أنه مبتدأ ، والجار بعده خبره أي تَنْزِيلُ الكتاب كَائِنٌ من الله ، وإليه ذهب الزَّجَّاج والفراء .
قال بعضهم : وهذا أولى من الأول ؛ لأن الإضمار خلاف الأصل فلا يصار إليه إلا لضرورةٍ ، وأيضاً فإنًّا إذا قلنا : { تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله } جملة تامة من المبتدأ والخبر أفاد فائدةً شريفة وهي تنزيل الكتاب يكون من الله لا من غيره ، وهذا الحصر معنى مُعْتَبَرٌ ، وإذا أضمرنا المبتدأ لم تَحْصُلُ هذه الفائدة ، وأيضاً فإنا إذا أَضْمَرْنَا المبتدأ صار التقدير : هذا تنزيلُ الكتاب ، وحينئذ يلزم مجاز آخر لأن هذا إشارة إلى السورة وهي ليست نفس التنزيل بل السورة منزلة فيحنئذ يحتاج إلى أن يقول : المراد منه المفعول وهو مجاز تحملناه لا لضرورة .
قوله : { مِنَ الله } يجوز فيه أوجه :
أحدها : أنه مرفوع المحل خبر التنزيل كما تقدم .
الثاني : أنه خبر بعد خبر إذا جعلنا تَنْزِيل خبر مبتدأ مضمر ، كقولك : هَذَا زَيْدٌ مِنْ أهْلِ العِرَاقِ .
الثالث : أنه خبر مبتدأ مضمر أي هَذَا تنزيل هذا من الله .
الرابع : أنه متعلق بنفس «تنْزِيلٍ » إذا جعلناه خبر مبتدأ مضمر .
الخامس : أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من «تَنْزِيلٍ » عَمِلَ فيه اسم الإشارة المقدر قاله الزمخشري .
قال أبو حيان : ولا يجوز أن يكون حالاً عمل فيها معنى الإشارة ؛ لأن معاني الأفعال لا تعمل إذا كان ما هي فيه محذوفاً ، ولذلك ردوا على أبي العباس قوله في بيت الفرزدق :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وَإِذْ مَا مِثْلَهُمْ بَشَرُ
أنّ «مِثْلَهُمْ » منصوب بالخبر المحذوف وهو مقدر وإذ ما في الوجود في حال مماثلتهم بشراً .
السادس : أنه حال من «الكتاب » . قاله أبو البقاء ، وجاز مجيء الحال من المضاف إليه لكونه مفعولاً للمضاف ، فإن المضاف مصدر مضاف لمفعوله .
والعامة على رفع " تنزيل " على ما تقدم ، وقرأ زيد بن علي وعيسى وابن أبي عبلة بنصبه بإضمار فعل تقديره الزم أو اقرأ ونحوهما .
احتج القائلون بخَلْق القرآن بأن الله تعالى وصف القرآن بكونه تنزيلاً ومنزلاً . وهذا الوصف لا يليق إلا بالمُحْدَثِ المخلوق ، قال ابن الخطيب : والجواب أنّا نحمل هذه اللفظة على الصِّيغ والحُرُوف .
قوله : { العزيز الحكيم } والعزيز هو القادر الذي لا يُغْلَبُ ، والحكيم هو الذي يفعل لداعية الحكمة وهذا إنما يتم إذا كان عالماً بجميع المعلومات غنياً عن جميع الحاجات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.