تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَزُخۡرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُتَّقِينَ} (35)

ولجعل لهم { زخرفا } أي : لزخرف لهم دنياهم بأنواع الزخارف ، وأعطاهم ما يشتهون ، ولكن منعه من ذلك رحمته بعباده خوفا عليهم من التسارع في الكفر وكثرة المعاصي بسبب حب الدنيا ، ففي هذا دليل على أنه يمنع العباد بعض أمور الدنيا منعا عاما أو خاصا لمصالحهم ، وأن الدنيا لا تزن عند اللّه جناح بعوضة ، وأن كل هذه المذكورات متاع الحياة الدنيا ، منغصة ، مكدرة ، فانية ، وأن الآخرة عند اللّه تعالى خير للمتقين لربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، لأن نعيمها تام كامل من كل وجه ، وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، وهم فيها خالدون ، فما أشد الفرق بين الدارين " .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَزُخۡرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُتَّقِينَ} (35)

قوله : { وزخرفا } منصوب بفعل مقدر ، وتقديره : وجعلنا لهم زخرفا{[4136]} والزخرف الذهب . ثم يشبّه به كل مموه مزور . والمزخرف معناه المزين {[4137]} وقال ابن العربي " معنى الآية : أن الدنيا عند الله تعالى من الهوان بحيث كان يجعل بيوت الكفار ودرجها وأبوابها ذهبا وفضة لولا غلبة حب الدنيا على القلوب فيحمل ذلك على الكفر . قوله : { وإن كل ذلك لماّ متاع الحياة الدنيا } { إن } ، المخففة بمعنى ما . و { لماّ } المشددة بمعنى إلا . يعني : وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا{[4138]} .

قوله : { والآخرة عند ربّك للمتّقين } جعل الله الجزاء العظيم في الآخرة للمؤمنين المتقين الذين اجتنبوا الشرك والمعاصي وأخلصوا دينهم لله ، فأطاعوه وأنابوا إليه خاشعين مذعنين والتزموا شرعه ومنهاجه . لا جرم أن الدار الآخرة لهي دار البقاء والقرار . الدار التي لا يفنى نعيمها ولا يزول{[4139]} .


[4136]:البيان لابن الأنباري جـ2ص 353.
[4137]:مختار الصحاح ص 270.
[4138]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 354.
[4139]:تفسير الرزاي جـ 27 ص 212 والكشاف جـ 3 ص 487 وفتح القدير جـ 4 ص 555.