تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

{ 81-83 } { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ * سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ }

أي : قل يا أيها الرسول الكريم ، للذين جعلوا للّه ولدا ، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد ، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن له كفوا أحد . { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } لذلك الولد ، لأنه جزء من والده ، وأنا أول الخلق انقيادا للأمور المحبوبة للّه ، ولكني أول المنكرين لذلك ، وأشدهم له نفيا ، فعلم بذلك بطلانه ، فهذا احتجاج عظيم عند من عرف أحوال الرسل ، وأنه إذا علم أنهم أكمل الخلق ، وأن كل خير فهم أول الناس سبقا إليه وتكميلا له ، وكل شر فهم أول الناس تركا له وإنكارا له وبعدا منه ، فلو كان على هذا للرحمن ولد وهو الحق ، لكان محمد بن عبد اللّه ، أفضل الرسل أول من عبده ، ولم يسبقه إليه المشركون .

ويحتمل أن معنى الآية : لو كان للرحمن ولد ، فأنا أول العابدين للّه ، ومن عبادتي للّه ، إثبات ما أثبته ، ونفي ما نفاه ، فهذا من العبادة القولية الاعتقادية ، ويلزم من هذا ، لو كان حقا ، لكنت أول مثبت له ، فعلم بذلك بطلان دعوى المشركين وفسادها ، عقلا ونقلا .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

قوله تعالى : { قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين 81 سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون 82 فذرهم يخوضوا ويلعبون حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون 83 وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم 84 وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون 85 ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون 86 ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون 87 وقيله يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون 88 فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون } . نزه الله نفسه عن اتخاذ الشركاء ، فهو الإله الأحد المقتدر ، خالق السموات والأرض وما بينهما وما فيهما من خلائق وعجائب وكائنات ، فهو سبحانه مستغن عن الشريك أو الولد ، فإنه لا يحتاج لشيء من ذلك إلا من كان يعوزه الإيناس من الوحشة ، أو العون من الضعف . والله عز وعلا منزه عن هاتيك النقائص . قال سبحانه { قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين } { إن } ، شرطية . والتقدير : إن كان للرحمن ولد فأنا أول من عبده ، على أنه لاولد له . وقيل : تقديره : إن كان للرحمان من ولد فأنا أول الآنفين من العبادة . وقيل : { إن } ، بمعنى ما النافية . أي ما كان للرحمان من ولد . وكونها شرطية أظهر وأولى بالصواب{[4158]} .

وإيراد هذا الكلام لهو على سبيل الفرض والتمثيل لغرض المبالغة في نفي الولد . والمعنى : لو صح أن للرحمان ولدا فأنا أول من يعظم هذا الولد وأسبقكم على طاعته والانقياد له كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه .


[4158]:البيان لابن الأنباري جـ2 ص 355.