تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ لِيَحۡزُنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيۡسَ بِضَآرِّهِمۡ شَيۡـًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (10)

{ 10 }{ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } .

يقول تعالى : { إِنَّمَا النَّجْوَى } أي : تناجي أعداء المؤمنين بالمؤمنين ، بالمكر والخديعة ، وطلب السوء من الشيطان ، الذي كيده ضعيف ومكره غير مفيد .

{ لِيَحزن الَّذِينَ آمَنُوا } هذا غاية هذا المكر ومقصوده ، { وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } فإن الله تعالى وعد المؤمنين بالكفاية والنصر على الأعداء ، وقال تعالى : { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ }فأعداء الله ورسوله والمؤمنين ، مهما تناجوا ومكروا ، فإن ضرر ذلك{[1013]}  عائد إلى أنفسهم ، ولا يضر المؤمنين إلا شيء قدره الله وقضاه ، { وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } أي : ليعتمدوا{[1014]}  عليه ويثقوا بوعده ، فإن من توكل على الله كفاه ، وتولى أمر دينه ودنياه{[1015]} .


[1013]:- كذا في ب، وفي أ: فإن ضررهم.
[1014]:- كذا في ب، وفي أ: يعتمدوا.
[1015]:- في ب: وكفاه أمر دينه ودنياه.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ لِيَحۡزُنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيۡسَ بِضَآرِّهِمۡ شَيۡـًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (10)

قوله تعالى : { إنما النجوى من الشيطان } أي من تزيين الشيطان ، { ليحزن الذين آمنوا } أي إنما يزين لهم ذلك ليحزن المؤمنين ، { وليس } التناجي ، { بضارهم شيئاً } وقيل : ليس الشيطان بضارهم شيئاً ، { إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون } . أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الظاهري ، أنبأنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزار ، أنبأنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه ، فإن ذلك يحزنه " .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ لِيَحۡزُنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيۡسَ بِضَآرِّهِمۡ شَيۡـًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (10)

قوله : { إنما النجوى من الشيطان } يعني إنما تصدر المناجاة أو المسارة بين المنافقين عقب تسويل الشيطان لهم ، فإنه لمن طبع الشيطان الخبيث أن يزين لأتباعه من الظالمين والمنافقين فعل المنكرات والمعاصي . وههنا يزين الشيطان اللعين للمنافقين أن يتناجوا بينهم بالشر والمكر والأذى { ليحزن الذين آمنوا } ، كانت المناجاة أو المسارة بين المنافقين تغيظ المسلمين أو تثير في نفوسهم الخوف والقلق والريبة ، إذ يتوهمون حصول المكاره لهم { وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله } أي أن التناجي بين المنافقين لا يضر المسلمين شيئا إلا أن يشاء الله ، فما يقع للمرء من أمر ولا حدث ولا خطب في الخير أو السوء إلا مما قدره له الله .

قوله : { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } على المؤمنين في كل الأحوال أن يعتمدوا على ربهم فيعولوا عليه تعويلا ، ويفوضوا أمرهم كله إليه فعليه الاعتماد والاستناد والتكلان{[4483]} .

وقد وردت السنة الكريمة بالنهي عن التناجي والمسارة إن علم المتناجون أن ذلك يحزن من كان بجانبهم من الناس ، فيتأذون أو يرتابون ويتوهمون . فقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما ، فإن ذلك يحزنه " وفي الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الواحد " يتبين من ذلك النهي عن التناجي بين اثنين في حضرة ثالث ، لما في ذلك من إحزان له أو إثارة للشك والقلق في نفسه . ويستوي في هذا النهي ما إذا كان المتناجون كثرة أو قلة ، ثلاثة أو عشرة أو ألفا ، فما ينبغي لهم أن يتناجوا في معزل عن واحد منهم وهو يراهم يتناجون ويتسارون ، فيقع في قلبه الخوف والارتياب منهم .


[4483]:الكشاف جـ 4 ص 74 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 324.