{ 16-18 } { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }
يخبر تعالى ، أنه المتفرد بخلق{[821]} جنس الإنسان ، ذكورهم وإناثهم ، وأنه يعلم أحواله ، وما يسره ، ويوسوس في صدره{[822]} وأنه أقرب إليه من حبل الوريد ، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان ، وهوالعرق{[823]} المكتنف لثغرة النحر ، وهذا مما يدعو الإنسان إلى مراقبة خالقه ، المطلع على ضميره وباطنه ، القريب منه{[824]} في جميع أحواله ، فيستحي منه أن يراه ، حيث نهاه ، أو يفقده ، حيث أمره ،
{ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه } ما تحدثه به نفسه وهو ما يخطر بالبال ، والوسوسة الصوت الخفي ومنها وسواس الحلي ، والضمير لما إن جعلت موصولة والباء مثلها في صوت بكذا ، أو ل { الإنسان } إن جعلت مصدرية والباء للتعدية . { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } أي ونحن أعلم بحاله ممن كان أقرب إليه { من حبل الوريد } ، تجوز بقرب الذات لقرب العلم لأنه موجبة و { حبل الوريد } مثل في القرب قال :
والموت أدنى لي من الوريد *** . . .
وال { حبل } العرق وإضافته للبيان ، والوريدان عرقان مكتنفان بصفتحي العنق في مقدمها بالوتين يردان من الرأس إليه ، وقيل سمي وريدا لأن الزوج ترده .
هذه آيات فيها إقامة حجج على الكفار في إنكارهم البعث والجزاء . والخلق : إنشاء الشيء على ترتيب وتقدير حكمي . و : { الإنسان } اسم الجنس . قال بعض المفسرين { الإنسان } هنا آدم عليه السلام و { توسوس } معناه : تتحدث في فكرتها ، وسمي صوت الحلي وسواساً لخفائه ، والوسوسة إنما تستعمل في غير الخير ، وقوله تعالى : { نحن أقرب إليه من حبل الوريد } عبارة عن قدرة الله على العبد ، وكون العبد في قبضة القدرة ، والعلم قد أحيط به ، فالقرب هو بالقدرة والسلطان ، إذ لا ينحجب عن علم الله باطن ولا ظاهر ، وكل قريب من الأجرام فبينه وبين قلب الإنسان حجب . و : { الوريد } عرق كبير في العنق ، يقال : إنهما وريدان عن يمين وشمال . قال الفراء : هو ما بين الحلقوم والعلباوين وقال الحسن : { الوريد } الوتين .
قال الأثرم : هو نهر الجسد هو في القلب الوتين ، وفي الظهر الأبهر ، وفي الذراع والفخذ : الأكحل والنسا وفي الخنصر : إلا سليم ، «والحبل » : اسم مشترك فخصصه بالإضافة إلى { الوريد } ، وليس هذا بإضافة الشيء إلى نفسه بل هي كإضافة الجنس إلى نوعه كما تقول : لا يجوز حي الطير بلحمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.