تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (46)

ف { قَالَ } الله له : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } الذين وعدتك بإنجائهم { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } أي : هذا الدعاء الذي دعوت{[430]}  به ، لنجاة كافر ، لا يؤمن بالله ولا رسوله .

{ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي : ما لا تعلم عاقبته ، ومآله ، وهل يكون خيرا ، أو غير خير .

{ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } أي : أني أعظك وعظا تكون به من الكاملين ، وتنجو به من صفات الجاهلين .


[430]:- في النسختين: دعيت، وقد عدلت في ب إلى: دعوت.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (46)

{ قال يا نوح انه ليس من أهلك } لقطع الولاية بين المؤمن والكافر وأشار إليه بقوله : { إنه عمل غير صالح } فإنه تعليل لنفي كونه من أهله ، وأصله إنه ذو عمل فاسد فجعل ذاته ذات العمل للمبالغة كقول الخنساء تصف ناقة :

ترتع ما رتعت حتى إذا ادْكّرتْ *** فإنما هي إقبالٌ وإدبارُ

ثم بدل الفاسد بغير الصالح تصريحا بالمناقضة بين وصفيها وانتفاء ما أوجب النجاة لمن نجا من أهله عنه . وقرأ الكسائي ويعقوب { إنه عمل غير صالح } أي عمل عملا غير صالح . { فلا تسألن ما ليس لك به علم } ما لا تعلم أصواب هو أم ليس كذلك ، وإنما سمي نداءه سؤالا لتضمن ذكر الوعد بنجاة أهله استنجازه في شأن ولده أو استفسار المانع للإنجاز في حقه ، وإنما سماه جهلا وزجر عنه بقوله : { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } لأن استثناء من سبق عليه القول من أهله قد دله على الحال وأغناه عن السؤال ، لكن أشغله حب الولد عنه حتى اشتبه عليه الأمر . وقرأ ابن كثير بفتح اللام والنون الشديدة وكذلك نافع وابن عامر غير أنهما كسرا النون على أن أصله تسألنني فحذفت نون الوقاية لاجتماع النونات وكسرت الشديدة للياء ، ثم حذفت اكتفاء بالكسرة وعن نافع برواية رويس إثباتها في الوصل .