بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (46)

{ قَالَ يَا نُوحٍ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } الذي وعدتك أن أنجيهم . وروي عن الحسن ، أنه قال : إنه تخلف ، لأنه لم يكن ابن نوح .

وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : كنت عند الحسن ، قال : ونادى نوح ابنه ، فقال : لعمر الله ما هو ابنه ، قلت : يا أبا سعيد ، يقول الله تعالى : { ونادى نُوحٌ ابنه } وأنت تقول : هو ليس بابنه ؟ قال : أفرأيت قوله : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } قلت : إنه ليس من أهلك ، الذي وعدتك أن أنجيهم . ولا يختلف أهل الكتاب أنه ابنه . قال : إنَّ أهل الكتاب يكذبون .

وروي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، أنه ابنه غير أنه خالفه في العمل . وقال بعض الحكماء : إن الابن إذا لم يفعل ما يفعل الأب انقطع عنه ، والأمة إذا لم يفعلوا ما فعل نبيُّهم ، أخاف أن ينقطعوا عنه .

ثمَّ قال : { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالح } قرأ الكسائي : { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالح } ، بكسر الميم ونصب الراء . { وغير صالح } بنصب الراء وروت أُمُّ سَلَمَةَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ هكذا ، ومعناه : إن ابنك عمِلَ عَمَلَ المشركين ، ولم يعمل عمل المؤمنين . وقرأ الباقون : { عَمَلٌ غَيْرُ } ، بالتنوين والضم ، وضم الراء ، ومعناه : إنَّ سؤالك ودعاءك لابنك الكافر عَمَلٌ غير صالح ، { فَلاَ تَسْأَلْنى *** مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } يعني : بياناً . وقرأ أهل الكوفة : { فلا تسألن } بتخفيف النون بغير ياء ، لأن الكسر يقوم مقام الياء . وروي عن أبي عبيدة ، أنه قال : رأيت في مصحف عثمان هكذا .

وقرأ أبو عمرو : { فَلاَ تَسْأَلْنى } بإثبات الياء بغير تشديد ، وهو الأصل في اللغة . وقرأ ابن كثير : { فَلاَ تَسْأَلْن } بنصب النون والتشديد بغير ياء ، ويكون معناه : التأكيد في النهي . وقرأ ابن عامر ، ونافع في رواية قالون : { فَلاَ تَسْأَلْن } بالكسر بغير ياء مع التشديد . وقرأ نافع في رواية ورش : { فَلاَ تَسْأَلْنى } بالياء مع التشديد .

ثم قال : { إِنّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين } أي أنهاك أن تكون من الجاهلين . يعني : من يترك أمري . ويقال : من المكذبين بقدر الله تعالى .