{ 38 } { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }
أي : جميع الحيوانات ، الأرضية والهوائية ، من البهائم والوحوش والطيور ، كلها أمم أمثالكم خلقناها . كما خلقناكم ، ورزقناها كما رزقناكم ، ونفذت فيها مشيئتنا وقدرتنا ، كما كانت نافذة فيكم .
{ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } أي : ما أهملنا ولا أغفلنا ، في اللوح المحفوظ شيئا من الأشياء ، بل جميع الأشياء ، صغيرها وكبيرها ، مثبتة في اللوح المحفوظ ، على ما هي عليه ، فتقع جميع الحوادث طبق ما جرى به القلم .
وفي هذه الآية ، دليل على أن الكتاب الأول ، قد حوى جميع الكائنات ، وهذا أحد مراتب القضاء والقدر ، فإنها أربع مراتب : علم الله الشامل لجميع الأشياء ، وكتابه المحيط بجميع الموجودات ، ومشيئته وقدرته النافذة العامة لكل شيء ، وخلقه لجميع المخلوقات ، حتى أفعال العباد .
ويحتمل أن المراد بالكتاب ، هذا القرآن ، وأن المعنى كالمعنى في قوله تعالى { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ }
وقوله { ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } أي : جميع الأمم تحشر وتجمع إلى الله في موقف القيامة ، في ذلك الموقف العظيم الهائل ، فيجازيهم بعدله وإحسانه ، ويمضي عليهم حكمه الذي يحمده عليه الأولون والآخرون ، أهل السماء وأهل الأرض .
{ وما من دابة في الأرض } تدب على وجهها . { ولا طائر يطير بجناحيه } في الهواء ، وصفه به قطعا لمجاز السرعة ونحوها . وقرئ " ولا طائر " بالرفع على المحل . { إلا أمم أمثالكم } محفوظة أحوالها مقدرة أرزاقها وآجالها ، والمقصود من ذلك الدلالة على كمال قدرته وشمول علمه وسعة تدبيره ، ليكون كالدليل على أنه قادر على أن ينزل آية . وجمع الأمم للحمل على المعنى . { ما فرطنا في الكتاب من شيء } يعني اللوح المحفوظ ، فإنه مشتمل على ما يجري في العالم من الجليل والدقيق لم يهمل فيه أمر ، حيوان ولا جماد . أو القرآن فإنه قد دون فيه ما يحتاج إليه من أمر الدين مفصلا أو مجملا ، ومن مزيدة وشيء في موضع المصدر لا بالمفعول به ، فإن فرط لا يتعدى بنفسه وقد عدي بفي إلى الكتاب . وقرئ { ما فرطنا } بالتخفيف . { ثم إلى ربهم يحشرون } يعني الأمم كلها فينصف بعضها من بعض كما روي : أنه يأخذ للجماء من القرناء . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : حشرها موتها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.