جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَـٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يُحۡشَرُونَ} (38)

{ وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه } : إتيان الصفة لدابة وطائر لزيادة التعميم ، والمبالغة بحيث لا يبقى وهم خروج شيء من الإفراد لكون الوصفين{[1393]} من أوصاف الجنس دون النوع ، فيشعر بأن القصد فيها إلى الجنس ، { إلا أمم{[1394]} أمثالكم } : مقدرة أرزاقها وآجالها محفوظة أحوالها أصناف تعرف بأسمائها وجمع الأمم للحمل على المعنى ، { ما فرّطنا } : ما أهملنا ، { في الكتاب } : في اللوح المحفوظ ، { من شيء } : فإنه مشتمل على ما يجري في العالم ومن شيء أي : شيئا من التفريط ، فيكون مصدرا فإن فرط غير متعد بنفسه ، { ثم إلى ربهم{[1395]} يُحشرون } أي : الأمم كلها ، فينصف بعضها عن بعض ، ( وإذا الوحوش حشرت ) ( التكوير : 5 ) ، وعن ابن عباس –رضي الله عنهما– موت البهائم حشرها .


[1393]:وبهذا يسقط ما قيل أن الوصف بالتخصيص أولى منه بالتعميم/12 وجيز.
[1394]:قال مجاهد: أصناف مصنفة تعرف بأسمائها يريد أن كل جنس من الحيوان أمة كالطير أمة، والهوام أمة، والذباب أمة، والسباع أمة يعرف بأسمائها مثل بني آدم يعرفون بأسمائهم، وفي الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي (لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسود بهيم) قال عطاء: أمثالكم في التوحيد والمعرفة/12.
[1395]:كما قال: (وإذا الوحوش حشرت) (التكوير: 5)، والأحاديث الصحاح دالة على أن الجميع محشورة فينصف بعضها من بعض ثم يجعل الكل ترابا وعنده يقول الكافر (يا ليتني كنت ترابا) (النبأ: 40)/12 وجيز، وفي الحديث: (لتردن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من القرناء)/12 معالم.