بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَـٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يُحۡشَرُونَ} (38)

قوله تعالى : { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } فذكر الجناحين للتأكيد لأنه يقال : طار في الأمر إذا أسرع فيه ، فإذا ذكر الجناحين صار تأكيداً له . وقرأ بعضهم { وَلاَ طَائِرٍ } بالضم لأن معناه : وما دابةٌ في الأرض ولا طائرٌ لأن { مِنْ } زيادة ، فيكون الطائر عطفاً ورفعاً وهي قراءة شاذة .

ثم قال : { إِلاَّ أُمَمٌ أمثالكم } في الخلق ، والموت ، والبعث ، تعرف بأسمائهم { مَّا فَرَّطْنَا } يقول : ما تركنا { فِي الكتاب مِن شَيْء } يعني : في اللوح المحفوظ مما يحتاج إليه الخلق إلا قد بيّناه . ويقال : في القرآن قد بيّن كل شيء يحتاج إليه { ثُمَّ إلى رَبّهِمْ يُحْشَرُونَ } يعني : الدواب والطير { يُحْشَرُونَ } ثم يصيرون تراباً .

وروى جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال : يَحْشُرُ الله تعالى الخلق كلهم يوم القيامة والبهائم والدواب والطيور وكل شيء ، فيبلغ من عدله أن يأخذ للجمَّاء من القرناء ، ثم يقول : كوني تراباً . وعن أبي ذر قال : انتطحت شاتان عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « يا أبَا ذَرَ هَلْ تَدْرِي فِيمَا انْتَطَحَتَا » ؟ قلت : لا قال : « لكن الله تَعَالَى يَدْرِي فَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا » وقال بعضهم : هذا على وجه المثل لأنه لا يجري عليهم القلم فلا يجوز أن يؤاخذوا به .