تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَـٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِي ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يُحۡشَرُونَ} (38)

الآية 38 وقوله تعالى : { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم } يشبه أن يكون هذا صلة قوله : { قل إن الله قادر على أن ينزل آية } لأنه ذكر دابة ، والدابة كل ما يدب على وجه الأرض من ذي الروح ، وذكر الطائر ، وهو اسم كل ما يطير في الهواء ؛ لما كان قادرا على خلق هذه الجواهر المختلفة وسوق رزق كل منهم إليه [ فإنه ]{[7073]} لقادر على أن ينزل آية ، ويضطرهم{[7074]} جميعا إلى القبول لها والإقرار بها . ولكنه لا ينزل لما ليست لهم الحاجة إليها . والآيات لا تنزل إلا عند وقوع الحاجة لهم إليها .

وإلى هذا يخرج قوله تعالى : { ولكن أكثرهم لا يعلمون } من الناس من استدل بهذه الآية على أن البهائم والطير ممتحنتان حين{[7075]} قال : { إلا أمم أمثالكم } ثم قال : { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } [ فاطر : 24 ] . .

ثم اختلف في قوله تعالى : { إلا أمم أمثالكم } عن أبي هريرة رضي الله عنه [ أنه ]{[7076]} قال في قوله تعالى : { إلا أمم أمثالكم } أي إلا سيحشرون يوم القيامة ، ثم تقتص البهائم بعضها من بعض . ثم يقال لها : كوني ترابا ؛ فعند ذلك { ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا } [ النبأ : 40 ] كالبهائم .

وعن ابن عباس [ رضي الله عنه أنه ]{[7077]} قال : { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم } أي يفقه بعضها من بعض كما يفقه بعضكم من بعض ، و{ أمم أمثالكم } في معرفة ما يؤتى ، ويتقى .

ويحتمل : { إلا أمم أمثالكم } في الكثرة والعدد والخلق ، والصنوف تعرف بالأسامي كما تعرفون أنتم .

وأصله إنما ذكر من الدواب والطير { أمم أمثالكم } سخرها لكم ، لم [ يكن ]{[7078]} منهم ما يكون منكم من العناد والتكذيب للرسل والخروج عليهم ، بل خاضعة{[7079]} لكم مذللة{[7080]} ، تنتفعون بها .

ويحتمل قوله تعالى : { إلا أمم أمثالكم } في معرفة وحدانيته وألوهيته أو حق الطاعة لله كقوله تعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } [ الإسراء : 44 ] .

وقوله تعالى : { ما فرطنا في الكتاب من شيء } اختلف فيه : قال بعضهم : { ما فرطنا } أي ما تركنا شيئا إلا وقد ذكرنا أصله في القرآن . وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[7081]} قال : ما تركنا شيئا إلا قد كتبناه في أم الكتاب ، وهو اللوح المحفوظ . وقيل { ما فرطنا } ما ضيعنا { في الكتاب من شيء } ما قد تقع لكم الحاجة إليه أو منفعة إلا قد بينا لكم في القرآن { ثم إلى ربهم يحشرون } قيل : الطير والبهائم يحشرون مع الخلق ، وقيل : { إلى ربهم يحشرون } يعني بني آدم .


[7073]:- ساقطة من الأصل وم.
[7074]:- في الأصل وم: لاضطروا.
[7075]:- في الأصل وم: حيث.
[7076]:- ساقطة من الأصل وم.
[7077]:-ساقطة من الأصل وم.
[7078]:- من م، ساقطة من الأصل.
[7079]:- في الأصل وم: خاضعين.
[7080]:- في الأصل وم: مذللين.
[7081]:- ساقطة من الأصل وم.