قوله عز وجل : { وَمَا من دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ } دابة بمعنى ما يدب على الأرض من حيوان كله .
{ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } يعني في الهواء ، جمع بين ما هو على الأرض وفيها وما ارتفع عنها .
{ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم } في الأمم تأويلان :
والثاني : أنها الأجناس ، قاله الفراء .
وليس يريد بقوله : { أَمْثَالُكُم } في التكليف كما جعل قوم اشتبه الظاهر عليهم وتعلقوا مع اشتباه الظاهر برواية أبي ذر ، قال : انتطحت شاتان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أبا ذر أتدري فيم انتطحتا ؟ قلت : لا ، قال : " لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا " قال أبو ذر : لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكّرنا منه علماً ، لأنه إذا كان العقل سبباً للتكليف كان عدمه لارتفاع التكليف{[878]} .
والمراد بقوله : { أَمْثَالُكُم } وجهان :
أحدهما{[879]} : أنها أجناس وتتميز في الصور والأسماء .
والثاني : أنها مخلوقة لا تُظْلَم ، ومرزوقة لا تحرم .
ثم قال تعالى : { ما فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ }{[880]} فيه تأويلان :
أحدهما : ما تركنا خلقاً إلا أوجبنا له أجلاً ، والكتاب هنا هو إيجاب الأجل كما قال تعالى :
{ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ }[ الرعد : 38 ] قاله ابن بحر وأنشد لنابغة بني جعدة :
بلغو الملوك وأدركوا ال *** كتاب وانتهى الأجل
والتأويل الثاني : وهو قول الجمهور : أن الكتاب{[881]} هو القرآن الكريم الذي أنزله ، ما أخل فيه بشيء من أمور الدين ، إما مُفَصَّلاً يَسْتَغْنِي عن التفسير ، أو مجْمَلاً جعل إلى تفسيره سبيلاً .
يحتمل تأويلاً ثالثاً : ما فرطنا فيه بدخول خلل عليه ، أو وجود نقص فيه ، فكتاب الله سليم من النقص والخلل{[882]} .
{ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرْونَ } فيه تأويلان :
أحدهما : أن المراد بالحشر الموت ، قاله ابن عباس .
والثاني : أن الحشر الجمع لبعث الساعة .
فإن قيل : فإذا كانت{[883]} غير مُكَلَّفَةٍ فلماذا تبعث يوم القيامة ؟ قيل : ليس التكليف علة البعث ، لأن الأطفال والمجانين يبعثون وإن كانوا في الدنيا غير مكلفين ، وإنما يبعثها ليعوض ما استحق العوض منها بإيلام أو ظلم ، ثم يجعل ما يشاء منها تراباً ، وما شاء من دواب الجنة يتمتع المؤمنون بركوبه ورؤيته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.