تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

{ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } أي : قليل جدا ، فسره بقوله : { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ }

لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه ، ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه ، والمعنى في هذا : أن السيارة لما وجدوه ، عزموا أن يُسِرُّوا أمره ، ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم ، حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم ، فاشتروه منهم بذلك الثمن ، واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب ، والله أعلم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

وقوله : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } يقول تعالى : وباعه إخوته بثمن قليل ، قاله مجاهد وعِكْرِمة .

والبخس : هو النقص ، كما{[15096]} قال تعالى : { فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا } [ الجن : 13 ] أي : اعتاض عنه إخوته بثمن دُونٍ قليل ، وكانوا مع ذلك فيه من الزاهدين ، أي : ليس لهم رغبة فيه ، بل لو سألوه{[15097]} بلا شيء لأجابوا .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : إن الضمير في قوله : { وَشَرَوْهُ } عائد على إخوة يوسف .

وقال قتادة : بل هو عائد على السيارة .

والأول أقوى ؛ لأن قوله : { وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } إنما أراد إخوته ، لا أولئك السيارة ؛ لأن السيارة استبشروا به وأسروه بضاعة ، ولو كانوا فيه زاهدين لما اشتروه ، فيرجح من هذا أن الضمير في { وَشَرَوْهُ } إنما هو لإخوته .

وقيل : المراد بقوله : { بَخْسٍ } الحرام . وقيل : الظلم . وهذا وإن كان كذلك ، لكن ليس هو المراد هنا ؛ لأن هذا معلوم يعرفه كل أحد أن ثمنه حرام على كل حال ، وعلى كل أحد ، لأنه نبي ابن نبي ، ابن نبي ، ابن خليل الرحمن ، فهو الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، وإنما المراد هنا بالبخس الناقص أو الزيوف أو كلاهما ، أي : إنهم إخوته ، وقد باعوه ومع هذا بأنقص الأثمان ؛ ولهذا قال : { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } فعن ابن مسعود باعوه بعشرين درهما ، وكذا قال ابن عباس ، ونَوْف البَكَالي ، والسُّدِّي ، وقتادة ، وعطية العَوْفي وزاد : اقتسموها درهمين درهمين .

وقال مجاهد : اثنان وعشرون درهما .

وقال محمد بن إسحاق وعِكْرِمة : أربعون درهمًا .

وقال الضحاك في قوله : { وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } وذلك أنهم لم يعلموا نبوته

ومنزلته عند الله عز وجل .

وقال مجاهد : لما باعوه جعلوا يتبعونهم ويقولون لهم : استوثقوا منه لا يأبق حتى وقفوه بمصر ، فقال : من يبتاعني وليبشر ؟ فاشتراه الملك ، وكان مسلمًا .


[15096]:- في ت : "وكما".
[15097]:- في أ : "لو سئلوا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

{ وشروه } وباعوه ، وفي مرجع الضمير الوجهان أو اشتروه من إخوته . { بثمن بخس } مبخوس لزيفه أو نقصانه . { دارهم } بدل من الثمن . { معدودة } قليلة فإنهم يزنون ما بلغ الأوقية ويعدمون ما دونها . قيل كان عشرين درهما وقيل كان اثنين وعشرين درهما . { وكانوا فيه } في يوسف . { من الزّاهدين } الراغبين عنه والضمير في { وكانوا } إن كان للإخوة فظاهر وإن كان للرفقة بائعين فزهدهم فيه ، لأنهم التقطوه والملتقط للشيء متهاون به خائف من انتزاعه مستعجل في بيعه ، وإن كانوا مبتاعين فلأنهم اعتقدوا أنه آبق وفيه متعلق بالزاهدين إن جعل اللام للتعريف ، وإن جعل بمعنى الذي فهو متعلق بمحذوف بينه الزاهدين لأن متعلق الصلة لا يتقدم على الموصول .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

و { شروه } - هنا - بمعنى باعوه ، وقد يقال : شرى ، بمعنى اشترى ، ومن الأول قول يزيد بن مفرغ الحميري : [ مجزوء الكامل ]

وشريتُ برداً ليتني*** من بعد بردٍ كنتُ هامَهْ{[6614]}

برد : اسم غلام له ندم على بيعه ، والضمير يحتمل الوجهين المتقدمين ؛ و { البخس } مصدر وصف به «الثمن » وهو بمعنى النقص - وهذا أشهر معانيه - فكأنه القليل الناقص ، وهو قول الشعبي - وقال قتادة : «البخس » هنا بمعنى الظلم ، ورجحه الزجاج من حيث الحر لا يحل بيعه ، وقال الضحاك : وهو بمعنى الحرام ، وهذا أيضاً بمعنى لا يحل بيعه .

وقوله : { دراهم معدودة } عبارة عن قلة الثمن لأنها دراهم لم تبلغ أن توزن لقلتها ، وذلك أنهم كانوا لا يزنون ما دون الأوقية ، وهي أربعون درهماً ، واختلف في مبلغ ثمن يوسف عليه السلام : فقيل باعوه بعشرة دراهم ، وقال ابن مسعود : بعشرين ، وقال مجاهد : باثنين وعشرين أخذ منها إخوته درهمين درهمين {[6615]} وقال عكرمة : بأربعين درهماً دفعت ناقصة خفافاً ، فهذا كان بخسها .

وقوله : { وكانوا فيه من الزاهدين } وصف يترتب في «ورّاد » الماء ، أي كانوا لا يعرفون قدره ، فهم لذلك قليل اغتباطهم به ، لكنه أرتب في إخوة يوسف إذ حقيقة الزهد في الشيء إخراج حبه من القلب ورفضه من اليد ، وهذه كانت حال إخوة يوسف في يوسف ، وأما الورّاد فتمسكهم به وتجرهم يمانع زهدهم إلا على تجوز .

وقوله { فيه } ليست بصلة ل { الزاهدين } - قاله الزجاج وفيه نظر لأنه يقتضي وصفهم بالزهد على الإطلاق وليس قصد الآية هذا ، بل قصدها الزهد الخاص في يوسف ، والظروف يجوز فيها من التقديم ما لا يجوز في سائر الصلات ، وقد تقدم القول في عود ضمير الجماعة الذي في قوله : { وشروه } .


[6614]:البيت من شواهد أبي عبيدة في "مجاز القرآن" على أن شرى بمعنى باع، وقد رواه في تفسير الطبري: "من قبل برد" وجاء في "اللسان": وشاهد شريت بمعنى بعت قول يزيد بن مفرغ وقد باع غلامه بردا فندم بعد بيعه: شريت بردا ولولا ما تكنفني من الحوادث ما فارقته أبدا. ومثل هذا البيت قول الشماخ في رجل باع قوسه لرجل آخر: فلما شراها فاضت العين عبرة وفي الصدر حزاز من اللوم حامز يريد: فلما باع قوسه. ومعنى حامز: ممض محرق.
[6615]:أي لكل واحد منهم درهمان، فيكون المجموع اثنين وعشرين درهما.