تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيۡرٞ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعٖ يَوۡمَئِذٍ ءَامِنُونَ} (89)

ثم بين كيفية جزائه فقال : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ } اسم جنس يشمل كل حسنة قولية أو فعلية أو قلبية { فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا } هذا أقل التفضيل

[ ص 611 ]

{ وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } أي : من الأمر الذي فزع الخلق لأجله آمنون وإن كانوا يفزعون معهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيۡرٞ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعٖ يَوۡمَئِذٍ ءَامِنُونَ} (89)

59

في هذا اليوم المفزع الرهيب يكون الأمن والطمأنينة من الفزع جزاء الذين أحسنوا في الحياة الدنيا ، فوق ما ينالهم من ثواب هو أجزل من حسناتهم وأوفر :

( من جاء بالحسنة فله خير منها . وهم من فزع يومئذ آمنون ) .

والأمن من هذا الفزع هو وحده جزاء . وما بعده فضل من الله ومنة . ولقد خافوا الله في الدنيا فلم يجمع عليهم خوف الدنيا وفزع الآخرة . بل أمنهم يوم يفزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيۡرٞ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعٖ يَوۡمَئِذٍ ءَامِنُونَ} (89)

{ من جاء بالحسنة فله خير منها } إذ ثبت له الشريف بالخسيس والباقي بالفاني وسبعمائة بواحدة ، وقيل { خير منها } أي خير حاصل من جهتها وهو الجنة ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام " خبير بما يفعلون " بالياء والباقون بالتاء . { وهم من فزع يومئذ آمنون } يعني به خوف عذاب يوم القيامة ، وبالأول ما يلحق الإنسان من التهيب لما يرى من الأهوال والعظائم لذلك يعم الكافر والمؤمن ، وقرأ الكوفيون بالتنوين لأن المراد فزع واحد من أفزاع ذلك اليوم ، وآمن يتعدى بالجار وبنفسه كقوله { أفأمنوا مكر الله } وقرأ الكوفيون ونافع " يومئذ " بفتح الميم والباقون بكسرها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيۡرٞ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعٖ يَوۡمَئِذٍ ءَامِنُونَ} (89)

و «الحسنة » الإيمان ، وقال ابن عباس والنخعي وقتادة : «هي لا إله إلا الله ، وروي عن علي بن الحسين أنه قال : كنت في بعض خلواتي فرفعت صوتي ب » لا إله إلا الله «فسمعت قائلاً يقول إنها الكلمة التي قال الله فيها { من جاء بالحسنة فله خير منها } وقوله { خير منها } يحتمل أن يكون للتفضيل ، ويكون في قوله { منها } حذف مضاف تقديره خير من قدرها واستحقاقها ، بمعنى أن الله تعالى تفضل عليه فوق ما تستحق حسنته ، قال ابن زيد : يعطى بالواحدة عشراً والداعية إلى هذا التقدير أن الحسنة لا يتصور بينها وبين الثواب تفضيل ، ويحتمل أن يكون خبر ليس للتفضيل بل اسم للثواب والنعمة ، ويكون قوله تعالى : { منها } لابتداء الغاية ، أي هذا الخير الذي يكون له هو من حسنته وبسببها ، وهذا قول الحسن وابن جريج ، وقال عكرمة : ليس شيء خيراً من لا إله إلا الله ، وإنما له الخير منها ، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر » من فزع «بالإضافة ، ثم اختلفوا في فتح الميم وكسرها من { يومئذ } فقرأ أكثرهم بفتح الميم على بناء الظرف لما أضيف إلى غير متمكن ، وقرأ إسماعيل بن جعفر عن نافع بكسر الميم على إعمال الإضافة ، وذلك أن الظروف إذا أضيفت إلى غير متمكن جاز بناؤها وإعمال الإضافة فيها .

ومن ذلك قول الشاعر [ النابغة الذبياني ] : [ الطويل ]

على حين عاتبت المشيب على الصبا . . . وقلت ألمّا أصحُ والشيب وازع{[9094]}

فإنه يروى » على حين «بفتح النون و » على حينِ «بكسرها ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي » من فزعٍ «بالتنوين وترك الإضافة ولا يجوز مع هذه القراءة إلا فتح الميم من » يومَئذ .


[9094]:الشاعر هو النابغة الذبياني، والبيت من قصيدة له قالها يمدح النعمان ويعتذر إليه مما وشت به بنو قريع ابن عوف من تميم، وهو في الديوان، وابن الشجري، وابن يعيش، والمنصف، وشرح شواهد المغني، والهمع، والعيني، و (على) في البيت بمعنى (في)، والمعنى: كفكفت دمعي في وقت عتابي لنفسي في حالة مشيبها، وكان عتابه لنفسه على ما فعلت في صباه من طرب، والوازع: الناهي الزاجر، وإسناد الوزع إلى الشيب مجاز، أما الشاهد عنا فقد وضحه ابن عطية.