التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيۡرٞ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعٖ يَوۡمَئِذٍ ءَامِنُونَ} (89)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ببيان جزاء من أحسن ، وببيان جزاء من أساء ، وببيان منهج الرسول صلى الله عليه وسلم فى دعوته فقال - تعالى - : { مَن جَآءَ . . . } .

قوله - سبحانه - : { مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } بيان وتفصيل لمظاهر علم الله - تعالى - لكل ما يفعله الناس ، الذى أشير إليه قبل ذلك بقوله : { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } والمراد بالحسنة : كل ما يقوله أو يفعله المسلم من قول طيب ، ومن عمل صالح ، فيشمل النطق بالشهادتين ، وأداء ما كلف الله الإنسان بأدائه من فرائض وواجبات ، واجتناب السيئات والشبهات .

أى : من جاء بالفعلة الحسنة ، فله من الله - تعالى - ما هو خير منها من ثواب وعطاء حسن ، كما قال - تعالى - فى آية أخرى : { مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } فالمراد بما هو خير منها : الثواب الذى يمنحه الله - تعالى - لمن أتى بها .

وقوله - تعالى - : { وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } تقرير لما قبله ، وبشارة للمؤمنين الذين جاءوا بالحسنات ، بالأمان والاطمئنان .

أى : وهم من الفزع الكائن للناس فى يوم البعث والحساب ، آمنون مطمئنون ، كما قال - سبحانه - : { لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر وَتَتَلَقَّاهُمُ الملائكة هذا يَوْمُكُمُ الذي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } وكما قال - تعالى - : { أَفَمَن يلقى فِي النار خَيْرٌ أَم مَّن يأتي آمِناً يَوْمَ القيامة }