فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيۡرٞ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعٖ يَوۡمَئِذٍ ءَامِنُونَ} (89)

{ مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا } الألف واللام للجنس : أي من جاء بجنس الحسنة فله من الجزاء والثواب عند الله خير منها : أي أفضل منها ، وأكثر . وقيل : خير حاصل من جهتها ، والأول أولى . وقيل : المراد بالحسنة هنا : لا إله إلاّ الله . وقيل : هي الإخلاص . وقيل : أداء الفرائض ، والتعميم أولى ولا وجه للتخصيص وإن قال به بعض السلف . قيل : وهذه الجملة بيان لقوله : { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } ، وقيل بيان لقوله : { وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخرين } . قرأ عاصم وحمزة والكسائي { وهم من فزع } بالتنوين وفتح ميم { يومئذٍ } . وقرأ نافع بفتحها من غير تنوين ، وقرأ الباقون بإضافة فزع إلى يومئذٍ . قال أبو عبيد : وهذا أعجب إليّ لأنه أعم التأويلين ؛ لأن معناه : الأمن من فزع جميع ذلك اليوم ، ومع التنوين يكون الأمن من فزع دون فزع .

وقيل : إنه مصدر يتناول الكثير فلا يتم الترجيح بما ذكر ، فتكون القراءتان بمعنى واحد . وقيل : المراد بالفزع ها هنا هو الفزع الأكبر المذكور في قوله : { لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر } [ الأنبياء : 103 ] . ووجه قراءة نافع أنه نصب يوم على الظرفية لكون الإعراب فيه غير متمكن ، ولما كانت إضافة الفزع إلى ظرف غير متمكن بني ، وقد تقدّم في سورة هود كلام في هذا مستوفى .

/خ93