{ مَن جَآءَ } أي وافى الله { بِالْحَسَنَةِ } بالإيمان . قال أبو معشر : كان إبراهيم يحلف ما يستثني أنّ الحسنة : لا إلهَ إلاّ الله ، قتادة : بالإخلاص .
وأخبرني الحسين بن محمد ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد ابن شنبه قال : حدّثنا عبيد الله بن أحمد بن منصور قال : حدّثنا سهل بن بشر قال : حدّثنا عبدالله بن سليمان قال : حدّثنا سعد بن سعيد قال : سمعت علي بن الحسين يقول : رجل غزا في سبيل الله ، فكان إذا خلا المكان قال : لا إلهَ إلاّ الله وحده لا شريك له ، فبينما هو ذات يوم في أرض الروم في موضع في حلفاء وبرديّ رفع صوته يقول : لا إلهَ إلاّ الله وحده لا شريك له ، خرج عليه رجل على فرس عليه ثياب بيض ، فقال : يا عبدالله ما ذا قلت ؟ قال : قلت الذي سمعت ، والذي نفسي بيده إنّها الكلمة التي قال الله عزّ وجل : { مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ } . { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } وأخبرني أبو عبدالله محمّد بن عبدالله العباسي قال : أخبرنا القاضي أبو الحسين محمّد بن عثمان ( النصيبي ببغداد ) قال : حدّثنا أبو بكر محمّد ابن الحسين السبيعي بحلب قال : حدّثني الحسين بن إبراهيم الجصّاص قال : أخبرنا حسين بن الحكم قال : حدّثنا اسماعيل بن أبان ، عن ( فضيل ) بن الزبير ، عن أبي داود السبيعي ، عن أبي عبدالله الهذلي قال : دخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال : يا عبدالله ألا أنبّئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنّة ، والسيّئة التي من جاء بها أكبّه الله في النار ، ولم يقبل معها عمل ؟
قلت : بلى ، قال : الحسنة حُبّنا والسيّئة بُغضنا { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } أي فله من هذه الحسنة خير يوم القيامة ، وهو الثواب والأمن من العذاب ، قال ابن عباس : { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } أي فمنها يصل إليه الخير ، الحسن : معناه له منها خير ، عكرمة وابن جريج : أمّا أن يكون له خير من الإيمان فلا ، وإنّه ليس شيء خير من لا إله إلاّ الله ولكن له منها خير ، وعن ابن عباس أيضاً { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } يعني الثواب لأنّ الطاعة فعل العبد والثواب فعل الله سبحانه .
وقيل : هو إنّ الله عزّ وجل يقبل إيمانه وحسناته ، وقبول الله سبحانه خيرٌ من عمل العبد ، وقيل : { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } يعني رضوان الله سبحانه ، قال الله تعالى : { وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } [ التوبة : 72 ] .
وقال محمّد بن كعب وعبدالرحمن بن زيد { فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } يعني الإضعاف ، أعطاء الله الحسنة بالواحدة عشراً صاعداً ، فهذا خيرٌ منها ، وقد أحسن بن كعب وابن زيد في تأويلهما لأنّ للإضعاف خصائص منها أنّ العبد يُسئل عن عمله ولا يُسأل عن الإضعاف ، ومنها أنّ للشيطان سبيلا إلى عمله ولا سبيل له إلى الإضعاف ، ولأنّه لا مطمع للخصوم في الإضعاف ، ولأنّ دار الحسنة الدنيا ودار الإضعاف الجنّة ، ولأنّ الجنّة على استحقاق العبد ، والتضعيف كما يليق بكرم الربّ { وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } قرأ أهل الكوفة { فَزَعٍ } منوناً { يَوْمَئِذٍ } بنصب الميم وهي قراءة ابن مسعود ، وسائر القرّاء قرأوا بالإضافة واختاره أبو عبيد قال : لأنّه أعمّ التأويلين أن يكون الأمن من جميع فزع ذلك اليوم ، وإذا قال : { مِّن فَزَعٍ يومئذ } صار كأنّه فزع دون فزع ، وهو اختيار الفرّاء أيضاً ، قال : لأنّه فزع معلوم ، ألا ترى أنّه قال :
{ لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ } [ الأنبياء : 103 ] فصيّر معرفة ؟ فإذا أضفته كان معرفة فهو أعجب إلي { وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ } يعني الشرك .
أخبرنا عبدالله بن حامد الوزّان قال : أخبرنا مكّي بن عبدان قال : حدّثنا عبدالله بن هاشم قال : حدّثنا عبدالرحمن ، عن سفيان ، عن أبي المحجل ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم { مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ } قال : لا إلهَ إلاّ الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.