{ 5 - 8 } { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ *وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ * وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ }
يخبر تعالى : أنه أرسل موسى بآياته العظيمة الدالة على صدق ما جاء به وصحته ، وأمره بما أمر الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بل وبما أمر به جميع الرسل قومهم { أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي : ظلمات الجهل والكفر وفروعه ، إلى نور العلم والإيمان وتوابعه .
{ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ } أي : بنعمه عليهم وإحسانه إليهم ، وبأيامه في الأمم المكذبين ، ووقائعه بالكافرين ، ليشكروا نعمه وليحذروا عقابه ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي : في أيام الله على العباد { لآيات لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } أي : صبار في الضراء والعسر والضيق ، شكور على السراء والنعمة . فإنه يستدل بأيامه على كمال قدرته وعميم إحسانه ، وتمام عدله وحكمته ، ولهذا امتثل موسى عليه السلام أمر ربه ، فذكرهم نعم الله فقال : { اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ }
وكذلك كانت رسالة موسى . بلسان قومه .
( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا : أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ، وذكرهم بأيام الله . إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور . وإذ قال موسى لقومه : اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون ، يسومونكم سوء العذاب ، ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم . وإذ تأذن ربكم : لئن شكرتم لأزيدنكم ، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد . وقال موسى : إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) . .
والتعبير يوحد بين صيغة الأمر الصادر لموسى والصادر لمحمد - عليهما صلاة الله وسلامه - تمشيا مع نسق الأداء في السورة - وقد تحدثنا عنه آنفا - فإذا الأمر هناك :
( لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) . .
( أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ) . .
الأولى للناس كافة والثانية لقوم موسى خاصة ، ولكن الغاية واحدة :
( أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ) . . ( وذكرهم بأيام الله ) . .
وكل الأيام أيام الله . ولكن المقصود هنا أن يذكرهم بالأيام التي يبدو فيها للبشر أو لجماعة منهم أمر بارز أو خارق بالنعمة أو بالنقمة ؛ كما سيجيء في حكاية تذكير موسى لقومه . وقد ذكرهم بأيام لهم ، وأيام لأقوام نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم . فهذه هي الأيام .
( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) . .
ففي هذه الأيام ما هو بؤسى فهو آية للصبر ، وفيها ما هو نعمى فهو آية للشكر . والصبار الشكور هو الذي يدرك هذه الآيات ، ويدرك ما وراءها ، ويجد فيها عبرة له وعظة ؛ كما يجد فيها تسرية وتذكيرا .
{ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } يعني اليد والعصا وسائر معجزاته . { أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور } بمعنى أي أخرج لأن في الإرسال معنى القول ، أو بأن أخرج فإن صيغ الأفعال سواء في الدلالة على المصدر فيصح أن توصل بها أن الناصبة . { وذكّرهم بأيّام الله } بوقائعه التي وقعت على الأمم الدارجة وأيام العرب حروبها . وقيل بنعمائه وبلائه . { إن في ذلك لآيات لكل صبّار شكور } يصبر على بلائه ويشكر على نعمائه ، فإنه إذا سمع بما أنزل على من قبل من البلاء وأفيض عليهم من النعماء أعتبر وتنبه لما يجب عليه من الصبر والشكر ، وقيل المراد لكل مؤمن وإنما عبر عنه بذلك تنبيها على أن الصبر والشكر عنوان المؤمن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.