تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلِ ٱدَّـٰرَكَ عِلۡمُهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّنۡهَاۖ بَلۡ هُم مِّنۡهَا عَمُونَ} (66)

{ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ } أي : بل ضعف ، وقل ولم يكن يقينا ، ولا علما واصلا إلى القلب وهذا أقل وأدنى درجة للعلم ضعفه ووهاؤه ، بل ليس عندهم علم قوي ولا ضعيف وإنما { هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا } أي : من الآخرة ، والشك زال به العلم لأن العلم بجميع مراتبه لا يجامع الشك ، { بَلْ هُمْ مِنْهَا } أي : من الآخرة { عَمُونَ } قد عميت عنها بصائرهم ، ولم يكن في قلوبهم من وقوعها ولا احتمال بل أنكروها واستبعدوها ، ولهذا قال : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ } أي : هذا بعيد غير ممكن قاسوا قدرة كامل القدرة بقدرهم الضعيفة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلِ ٱدَّـٰرَكَ عِلۡمُهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّنۡهَاۖ بَلۡ هُم مِّنۡهَا عَمُونَ} (66)

59

ثم يضرب عن هذا ليتحدث في موقفهم هم من الآخرة ، ومدى علمهم بحقيقتها :

( بل ادارك علمهم في الآخرة ) . .

فانتهى إلى حدوده ، وقصر عن الوصول إليها ، ووقف دونها لا يبلغها .

( بل هم في شك منها ) . .

لا يستيقنون بمجيئها ، بله أن يعرفوا موعدها ، وينتظروا وقوعها .

( بل هم منها عمون ) . .

بل هم منها في عمى ، لا يبصرون من أمرها شيئا ، ولا يدركون من طبيعتها شيئا . . وهذه أشد بعدا عن الثانية وعن الأولى :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَلِ ٱدَّـٰرَكَ عِلۡمُهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّنۡهَاۖ بَلۡ هُم مِّنۡهَا عَمُونَ} (66)

{ بل آدارك علمهم في الآخرة } لما نفى عنهم علم الغيب وأكد ذلك بنفي شعورهم بما هو مآلهم لا محالة بالغة فيه ، بأن أضرب عنه وبين أن ما انتهى وتكامل فيه أسباب علمهم من الحجج والآيات هو أن القيامة كائنة لا محالة لا يعلمونه كما ينبغي . { بل هم في شك منها } كمن تحير في الأمر لا يجد عليه دليلا . { بل هم منها عمون } لا يدركون دلائلها لاختلال بصيرتهم ، وهذا وإن اختص بالمشركين ممن في السماوات والأرض نسب إلى جميعهم كما يسند فعل البعض إلى الكل والإضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم ، وقل الأول إضراب عن نفي الشعور بوقت القيامة عنهم إلى وصفهم باستحكام علمهم في أمر الآخرة تهكما بهم ، وقيل أدرك بمعنى انتهى واضمحل من قولهم أدركت الثمرة لأن تلك غايتها التي عندها تعدم وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص " بل ادراك " بمعنى تتابع حتى استحكم ، أو تتابع حتى انقطع من تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك ، وأبو بكر " أدرك " وأصلهما تفاعل وافتعل . وقرئ " أأدرك " بهمزتين و " آأدرك " بألف بينهما و " بل أدرك " و " بل تدارك " و " بلى أأدرك " و " أم إدراك " أو " تدارك " ، وما فيه استفهام صريح أو مضمن من ذلك فإنكار وما فيه بلى فإثبات لشعورهم وتفسير له بالإدراك على التهكم ، وما بعده إضراب عن التفسير مبالغة في نفيه ودلالة على أن شعورهم بها أنهم شاكون فيها { بل } إنهم { منها عمون } أو رد وإنكار لشعورهم .