الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{بَلِ ٱدَّـٰرَكَ عِلۡمُهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّنۡهَاۖ بَلۡ هُم مِّنۡهَا عَمُونَ} (66)

وقرأ جمهور القراء : { بَلِ ادارك } [ النمل : 66 ] .

أصله : تَدَارَكَ . وقرأ عاصم في رواية أبي بكر «بل ادرك » على وزن افتعل وهي بمعنى تَفَاعَلَ .

وقرأ ابن كثير وأبو عمر : «بَلْ أَدْرَكَ » وهذه القراءاتُ تحتملُ مَعْنَيَيْن : أحدهما : أَدرَكَ علمُهم ، أي : تَناهى ، كما تقول أدركَ النباتُ ، والمعنى : قد تَنَاهى علمهُم بالآخرة إلى أَن لا يعرفوا لها مقداراً ، فيؤمنوا وإنما لهم ظنونٌ كاذبةٌ ، أو إلى أن لا يعرفوا لها وقْتاً ، والمعنى الثاني : ( بل أدرَكَ ) بمعنى : يُدْرِك أي أنهم في الآخرة يُدْرِكُ علمُهم وقتَ القيَامَةِ ، ويرونَ العذابَ والحقائقَ التي كذَّبوا بها ، وأمَّا في الدنيا فلا ، وهذا هو تأويل ابن عباس ، ونحا إليه الزجاج ، فقوله { فِي الآخرة } على هذا التأويل : ظَرْفٌ وعلى التأويل الأول : { فِي } بمعنى الباء ثم وَصَفَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بأنهم { في شكٍ منها } ، ثم أردف بصِفَةِ هي أبلغُ من الشَّكِ وهي العَمَى بالجُمْلَةِ عن أمر الآخرة ، و{ عَمُونَ } : أصله : ( عميون ) فَعِلُونَ كَحَذِرُون .