{ بَلِ ادارك عِلْمُهُمْ فِي الآخرة } . قرأ الجمهور { ادّارك } . وأصل ادارّك : تدارك ، أدغمت التاء في الدال ، وجيء بهمزة الوصل ليمكن الابتداء بالساكن . وقرأ أبو جعفر وابن كثير وأبو عمر وحميد : { بل أدرك } من الإدراك . وقرأ عطاء بن يسار وسليمان بن يسار والأعمش : " بل ادّرك " بفتح لام بل ، وتشديد الدال . وقرأ ابن محيصن : " بل أدرك " على الاستفهام .
وقرأ ابن عباس وأبو رجاء وشيبة والأعمش والأعرج : " بلى أدّارك " بإثبات الياء في بل وبهمزة قطع وتشديد الدال . وقرأ أبيّ " بل تدارك " ومعنى الآية : بل تكامل علمهم في الآخرة ؛ لأنهم رأوا كل ما وعدوا به وعاينوه . وقيل معناه : تتابع علمهم في الآخرة ، والقراءة الثانية معناها : كمل علمهم في الآخرة مع المعاينة ، وذلك حين لا ينفعهم العلم ؛ لأنهم كانوا في الدنيا مكذبين . وقال الزجاج : إنه على معنى الإنكار ، واستدلّ على ذلك بقوله فيما بعد { بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ } أي لم يدرك علمهم علم الآخرة ، وقيل المعنى : بل ضلّ ، وغاب علمهم في الآخرة فليس لهم فيها علم ، ومعنى القراءة الثالثة كمعنى القراءة الأولى ، فافتعل وتفاعل قد يجيئان لمعنى ، والقراءة الرابعة هي بمعنى الإنكار . قال الفراء : وهو وجه حسن كأنه وجهه إلى المكذبين على طريق الاستهزاء بهم ، وفي الآية قراءات أخر لا ينبغي الاشتغال بذكرها وتوجيهها . { بَلْ هُمْ فِي شَكّ مّنْهَا } أي بل هم اليوم في الدنيا في شك من الآخرة ، ثم أضرب عن ذلك إلى ما هو أشدّ منه فقال : { بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ } فلا يدركون شيئاً من دلائلها لاختلال بصائرهم التي يكون بها الإدراك ، وعمون جمع عم : وهو من كان أعمى القلب ، والمراد بيان جهلهم بها على وجه لا يهتدون إلى شيء مما يوصل إلى العلم بها ، فمن قال : أن معنى الآية الأولى أعني { بَلِ ادارك عِلْمُهُمْ فِي الآخرة } أنه كمل علمهم ، وتمّ مع المعاينة فلابدّ من حمل قوله : { بْل هُمْ فَي شَكّ } إلخ على ما كانوا عليه في الدنيا ، ومن قال : إن معنى الآية الأولى الاستهزاء بهم ، والتبكيت لهم لم يحتج إلى تقييد قوله : { بْل هُمْ فَي شَكّ } إلخ بما كانوا عليه في الدنيا . وبهذا يتضح معنى هذه الآيات ، ويظهر ظهوراً بينا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.