تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يَعۡرُجُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥٓ أَلۡفَ سَنَةٖ مِّمَّا تَعُدُّونَ} (5)

{ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ } القدري والأمر الشرعي ، الجميع هو المتفرد بتدبيره ، نازلة تلك التدابير من عند المليك القدير { مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ } فَيُسْعِدُ بها ويُشْقِي ، ويُغْنِي ويُفْقِرُ ، ويُعِزُّ ، ويُذِلُّ ، ويُكرِمُ ، ويُهِينُ ، ويرفع أقوامًا ، ويضع آخرين ، ويُنزِّل الأرزاق .

{ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ } أي : الأمر ينزل من عنده ، ويعرج إليه { فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ } وهو يعرج إليه ، ويصله في لحظة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يَعۡرُجُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥٓ أَلۡفَ سَنَةٖ مِّمَّا تَعُدُّونَ} (5)

ومع الخلق والاستعلاء . . التدبير والتقدير . . في الدنيا والآخرة . . فكل أمر يدبر في السماوات والأرض وما بينهما يرفع إليه سبحانه في يوم القيامة ، ويرجع إليه مآله في ذلك اليوم الطويل :

( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض . ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) . .

والتعبير يرسم مجال التدبير منظورا واسعا شاملا : ( من السماء إلى الأرض )ليلقي على الحس البشري الظلال التي يطيقها ويملك تصورها ويخشع لها . وإلا فمجال تدبير الله أوسع وأشمل من السماء إلى الأرض . ولكن الحس البشري حسبه الوقوف أمام هذا المجال الفسيح ، ومتابعة التدبير شاملا لهذه الرقعة الهائلة التي لا يعرف حتى الأرقام التي تحدد مداها !

ثم يرتفع كل تدبير وكل تقدير بمآله ونتائجه وعواقبه . يرتفع إليه سبحانه في علاه في اليوم الذي قدره لعرض مآلات الأعمال والأقوال ، والأشياء والأحياء ( في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) . . وليس شيء من هذا كله متروكا سدى ولا مخلوقا عبثا ، إنما يدبر بأمر الله إلى أجل مرسوم . . يرتفع . فكل شيء وكل أمر وكل تدبير وكل مآل هو دون مقام الله ذي الجلال ، فهو يرتفع إليه أو يرفع بإذنه حين يشاء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يَعۡرُجُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥٓ أَلۡفَ سَنَةٖ مِّمَّا تَعُدُّونَ} (5)

{ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض } يدبر أمر الدنيا بأسباب سماوية كالملائكة وغيرها نازلة آثارها إلى الأرض { ثم يعرج إليه } ثم يصعد إليه ويثبت في عمله موجودا . { في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون } في برهة من الزمان متطاولة يعني بذلك استطالة ما بين التدبير والوقوع . وقيل يدبر الأمر بإظهاره في اللوح فينزل به الملك ثم يعرج إليه في زمان هو كألف سنة ، لأن مسافة نزوله وعروجه مسيرة ألف سنة فإن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة . وقيل يقضي قضاء ألف سنة فينزل به الملك ثم يعرج بعد الألف لألف آخر . وقيل يدبر الأمر إلى قيام الساعة ثم يعرج إليه الأمر كله يوم القيامة وقيل يدبر المأمور به من الطاعات منزلا من السماء إلى الأرض بالوحي ، ثم لا يعرج إليه خالصا كما يرتضيه إلا في مدة متطاولة لقلة المخلصين والأعمال الخلص ، وقرئ " يعرج " و " يعدون " .