قوله : { يدبر الأمر من السماء إلى الأرض } لما بين الخلق بين الأمر كما قال تعالى : { أَلاَ لَهُ الخلق والأمر } [ الأعراف : 54 ] يحكم الأمر ، وينزل القضاء ، والقدر من السماء إلى الأرض . وقيل : ينزل الوحي مع جبريل - عليه السلام - بالأمر{[42726]} .
قوله : { ثم يعرج إليه } العامة على بنائه للفاعل . وابن أبي عبلة على بنائه للمفعول{[42727]} . والأصل يعْرُجُ بِهِ ، ثم حذف الجار فارتفع الضمير واستتر . وهو شاذ{[42728]} يصلح لتوجيه مثلها ، والمعنى : أن أمره ينزل من السماء على عباده ويعرج إليه أعمالهم الصالحة الصادرة على موافقة ذلك الأمر{[42729]} .
قوله : { فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ } ( أي في يوم{[42730]} واحد يعني نزول وعروج العمل في مسافة ألف سنة مِمَّا تَعُدُّونَ ) ، وهو بين السماء والأرض فإن مسافته خمْسُمِائَةِ سنةٍ ( فينزل{[42731]} في مسيرة خمسمائة سنة ويعرج في خمسمائة سنة فهو مقدار ألف سنة ) يقول لو سار أحد من بني آدم لم يقطعه إلا في ألف سنة والملائكة يقطعونه في يوم واحد هذا في وصف عروج الملائكة{[42732]} من الأرض إلى السماء وأما قوله : { تَعْرُجُ الملائكة والروح إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [ المعارج : 4 ] أراد مدة المسافة من الأرض إلى سدرة المنتهى التي هي مقام جبريل - عليه السلام - يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرةَ خَمْسِين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا . قاله مجاهد{[42733]} والضحاك ، وقيل : إن ذلك{[42734]} إشارة إلى امتداد نفاذ الأمر وذلك لأن من نفذ أمره غَايَةَ النَّفاذ في يوم أو يومين وانقطع لا يكون مثل من ينفذ أمره في سنينَ متطاولةٍ ، فقوله : { فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ } ، يعني يدبر الأمر في زمان يوم منه ألف سنة فكم يكون شهر منه ( وكَمْ تكونُ سنة ){[42735]} منه وكم يكون دهر منه ، وعلى هذا فلا فرق بين هذا وبين قوله : { مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } لأن ذلك ( إذا كان إشارة{[42736]} إلى دوام إنفاذ الأمر ، فسواء يُعَبَّر بألفِ سنةٍ أو بخمسينَ ألفَ سنةٍ ) لا يتفاوت إلا أن المبالغة بالخمسين أكثر ، وسيأتي بيان فائدتها في موضعها إن شاء الله تعالى . وقيل : ألفُ سنة وخمسونَ ألفَ سنةٍ كلها في القمة{[42737]} يكون على بعضهم أطول{[42738]} ، وعلى بعضهم أقصر معناه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا ثم يعرج أي يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا وانقطاع أمر الأمراء أو حكم الحكماء في يوم مقداره ألف سنة وهو يوم القيامة فأما قوله { خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } فإنه أراد على الكافر يجعل ذلك اليوم عليه مقدار خمسين ألف سنة وعلى المؤمن دون ذلك حتى جاء في الحديث أنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا ، وقال إبراهيم التيميّ ( لا ){[42739]} يكون على المؤمن ( إلا ){[42740]} كما بين الظُّهْر والعَصْر ، ويجوز أن يكون هذا إخباراً عن شدته ومشقته وهوله{[42741]} ، وقال ابْنُ أبي مليكَةِ :{[42742]} دخلت أنا وعبد الله بن فَيْرُوزَ{[42743]} علي ابن عباس فسألناه عن هذه الآية وعن قوله : { خمسين ألف سنة } فقال ابن عباس : أيام سماها الله لا أدري ما هي أكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم{[42744]} .
قوله : «مِمَّا تَعُدّونَ » العامة على الخطاب ، والحَسَنُ ، والسُّلميُّ ، وابْنُ وَثَّابٍ والأعْمَشُ بالغيبة{[42745]} ، وهذا الجار صفة «لأَلْفٍ » أو «لِسَنَةٍ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.