الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يَعۡرُجُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥٓ أَلۡفَ سَنَةٖ مِّمَّا تَعُدُّونَ} (5)

أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { يدبر الأمر } قال : ينحدر الأمر { من السماء إلى الأرض } ويصعد من الأرض إلى السماء في يوم واحد مقداره ألف سنة ، في السير خمسمائة حين ينزل ، وخمسمائة حين يعرج .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله تعالى عنه في قوله { يدبر الأمر } الآية . قال : ينزل الأمر من السماء الدنيا إلى الأرض العليا ، ثم يعرج إلى مقدار يوم لو ساره الناس ذاهبين وجائين لساروا ألف سنة .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { يدبر الأمر } قال : هذا في الدنيا . تعرج الملائكة في يوم مقداره ألف سنة .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله { يدبر الأمر . . . } الآية . قال : تعرج الملائكة وتهبط في يوم مقداره ألف سنة .

وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { يدبر الأمر من السماء إلى الأرض . ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة } قال : من الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض .

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه عن عبد الله بن أبي مليكة رضي الله تعالى عنه قال : دخلت على ابن عباس أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه قال فيروز : يا أبا عباس قوله { يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة } فكأن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما اتهمه فقال : ما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ؟ فقال : إنما سألتك لتخبرني فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هما يومان ذكرهما الله في كتابه ، الله أعلم بهما ، وأكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم ، فضرب الدهر من ضرباته حتى جلست إلى ابن المسيب رضي الله عنه ، فسأله عنها إنسان ، فلم يخبر ، ولم يدر فقلت : ألا أخبرك بما أحضرت من ابن عباس ؟ قال : بلى . فأخبرته فقال للسائل : هذا ابن عباس رضي الله عنهما أبى أن يقول فيها وهو أعلم مني .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { كان مقداره ألف سنة } قال : لا ينتصف النهار في مقدار يوم من أيام الدنيا في ذلك اليوم حتى يقضي بين العباد ، فينزل أهل الجنةِ الجنةَ ، وأهلُ النارِ النارَ ، ولو كان إلى غيره لم يفرغ من ذلك خمسين ألف سنة .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله تعالى عنه { في يوم كان مقداره ألف سنة } يعني بذلك نزول الأمر من السماء إلى الأرض ، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد ، وذلك مقدار ألف سنة ، لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام .

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله تعالى عنه في الآية يقول : مقدار مسيرة في ذلك اليوم { ألف سنة مما تعدون } ومن أيامكم من أيام الدنيا بخمسمائة نزوله وخمسمائة صعوده ، فذلك ألف سنة .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما { ثم يعرج إليه في يوم } من أيامكم هذه ، ومسيرة ما بين السماء والأرض خمسمائة عام .

وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه { ألف سنة مما تعدون } قال : من أيام الدنيا . والله أعلم .