الآية 5 وقوله تعالى : { يدبر الأمر من السماء إلى الأرض } قال أهل التأويل : { يدبر الأمر } أي هو يقضي وحده من السماء إلى( {[16352]} ) الأرض . وعندنا أنه يخرّج على وجهين :
أحدهما : { يدبر الأمر } أي هو يكون الأمر ، ويدبره( {[16353]} ) ، أو يجعل الخلق بحيث يقبلون الأمر والنهي ، ويحتملون المحنة ، أو هو يخرج الأمر كله على الحكمة والتدبير .
والثاني : { يدبر الأمر } أي يولي من يدبر الأمر من السماء إلى الأرض نحو ما ولى ملك الموت قبض أرواح الخلق ، ونحو ما ولى ملائكته أمر الأمطار والنبات وغير ذلك .
فجائز أن يكون الأول : يولي ملائكته أمر ما بين السماء والأرض . فإن كان الأول فليس [ في ]( {[16354]} ) ذكر السماء والأرض حد ولا تقدير ، يدبر ذلك ، ولا يدبر ما سوى ذلك . لكن ذكر هذا لما إلى ذلك ينتهي تدبير البشر وعلمهم . وأما ما سوى ذلك فلا . وإن كان الثاني فهو على التحديد ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره } قال بعض أهل التأويل : { ثم يعرج إليه } يقول : يصعد الملك إليه في يوم واحد من أيام الدنيا { كان مقداره } كان مقدار ذلك اليوم { ألف سنة مما تعدون } أنتم ، لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمس مائة عام . فينزل مسيرة خمس مائة عام ، ويصعد مسيرة خمس مائة عام ، وذلك مقدار مسيرة ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا . وذكر في موضع آخر : { خمسين ألف سنة } [ المعارج : 4 ] .
فجائز أن يكون ذلك وصف يوم القيامة . فيخرّج ذلك لا على التحديد والتقدير . ولكن على التعظيم لذلك اليوم والوصف له بما يعظم في قلوب الخلق ، وهو ما وصفه الله بالعظمة كقوله : { فيأخذكم عذاب يوم عظيم } [ الشعراء : 156 ] .
أو أن يكون [ على ]( {[16355]} ) التحديد والتقدير أن كان حقيقة لاختلاف أحواله وأوقاته على اختلاف الأمور ؛ يكون ألف سنة ذكر حال ووقت لأمر ، وخمسين ألف سنة ، [ ذكر ]( {[16356]} ) حال أخرى لأمور أخر على ما سمى ذلك اليوم مرة { يوم الجمع } [ الشورى : 7 والتغابن : 9 ] ومرة يوم التفريق [ بقوله : { يومئذ يتفرقون } [ الروم : 14 ] ]( {[16357]} ) و{ يوم الفصل } [ الصافات : 21 ، والمرسلات : 38 ]
و{ يوم الحساب } [ ص : 16و . . ] و{ يوم البعث } [ الروم : 56 ] ونحوه .
ومعلوم أن ذلك اليوم من أوله إلى آخره ، ليس بيوم الجمع ولا بيوم الافتراق ولا بيوم الحساب ولا بيوم البعث ، ولكن بجميع ذلك كله لاختلاف الأحوال والأوقات لأمور مختلفة .
فعلى ذلك يشبه أن يكون الأول كذلك ، والله أعلم ، ويكون قوله : { ثم يعرج إليه } ذلك كقوله { وإليه المصير } [ المائدة : 18 ، . . ] [ وقوله ]( {[16358]} ) { وإليه ترجعون } [ البقرة : 245 ، . . ] [ وقوله ]( {[16359]} ) { وإليه يرجع الأمر كله } [ هود : 123 ] ونحوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.