ولما بين الخلق شرع في الأمر فقال { يدبر الأمر } أي المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ينزله مدبراً من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ذلك العمل في يوم طويل ، وهو كناية عن قلة الإخلاص لأنه لا يوصف بالصعود ولا يقوى على العروج إلا العمل الخالص ، يؤيد هذا التفسير قوله فيما بعد { قليلاً ما تشكرون } أو يدبر أمر الدنيا كلها من السماء إلى الأرض لكل يوم من أيام الله وهو ألف سنة ، ثم يصعد إليه مكتوباً في الصحف في كل جزء من أجزاء ذلك اليوم الخ . ثم يدبر الأمر ليوم آخر مثله وهلم جراً . أو ينزل الوحي مع جبرائيل ثم يرجع إليه ما كان من قبول الوحي . ورده مع جبرائيل أيضا وتقدير الزمان بألف سنة لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام وأن الملك يقطعها في يوم واحد من أيامنا . وقيل : إنه إشارة إلى نفوذ الأمر ، فإن نفاذ الأمر كلما كان في مدة أكثر حاله أعلى أي يدبر الأمر في زمان يوم منه ألف سنة منه ، فكم يكون شهر منه وكم يكون سنة منه وكم يكون دهر منه ؟ فلا فرق على هذا بين ألف سنة وبين خمسين ألف سنة كما في " المعارج " . وقيل : إن هذه عبارة عن الشدة واستطالة أهلها إياها كالعادة في استطالة أيام الشدة والحزن واستقصار أيام الراحة والسرور . وخصت السورة بقوله { ألف سنة } موافقة لما قبله وهو قوله { في ستة أيام } وتلك الأيام من جنس هذا اليوم . وخصت سورة المعارج بقوله { خمسين ألف سنة } [ الآية : 4 ] لأن فيها ذكر القيامة وأهوالها فكان هو اللائق بها . وعن عكرمة : إن اليوم في المعارج عبارة عن أول أيام الدنيا إلى انقضائها وأنها خمسون ألف سنة لا يدري أحدكم كم مضى وكم بقي إلا الله عز وجل . وبالجملة فالآية المتقدمة تدل على عظمة عالم الخلق وسعة مكانه ، والآية الثانية تدل على عظمة عالم الأمر وامتداد زمانه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.