غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يَعۡرُجُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥٓ أَلۡفَ سَنَةٖ مِّمَّا تَعُدُّونَ} (5)

1

ولما بين الخلق شرع في الأمر فقال { يدبر الأمر } أي المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ينزله مدبراً من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ذلك العمل في يوم طويل ، وهو كناية عن قلة الإخلاص لأنه لا يوصف بالصعود ولا يقوى على العروج إلا العمل الخالص ، يؤيد هذا التفسير قوله فيما بعد { قليلاً ما تشكرون } أو يدبر أمر الدنيا كلها من السماء إلى الأرض لكل يوم من أيام الله وهو ألف سنة ، ثم يصعد إليه مكتوباً في الصحف في كل جزء من أجزاء ذلك اليوم الخ . ثم يدبر الأمر ليوم آخر مثله وهلم جراً . أو ينزل الوحي مع جبرائيل ثم يرجع إليه ما كان من قبول الوحي . ورده مع جبرائيل أيضا وتقدير الزمان بألف سنة لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام وأن الملك يقطعها في يوم واحد من أيامنا . وقيل : إنه إشارة إلى نفوذ الأمر ، فإن نفاذ الأمر كلما كان في مدة أكثر حاله أعلى أي يدبر الأمر في زمان يوم منه ألف سنة منه ، فكم يكون شهر منه وكم يكون سنة منه وكم يكون دهر منه ؟ فلا فرق على هذا بين ألف سنة وبين خمسين ألف سنة كما في " المعارج " . وقيل : إن هذه عبارة عن الشدة واستطالة أهلها إياها كالعادة في استطالة أيام الشدة والحزن واستقصار أيام الراحة والسرور . وخصت السورة بقوله { ألف سنة } موافقة لما قبله وهو قوله { في ستة أيام } وتلك الأيام من جنس هذا اليوم . وخصت سورة المعارج بقوله { خمسين ألف سنة } [ الآية : 4 ] لأن فيها ذكر القيامة وأهوالها فكان هو اللائق بها . وعن عكرمة : إن اليوم في المعارج عبارة عن أول أيام الدنيا إلى انقضائها وأنها خمسون ألف سنة لا يدري أحدكم كم مضى وكم بقي إلا الله عز وجل . وبالجملة فالآية المتقدمة تدل على عظمة عالم الخلق وسعة مكانه ، والآية الثانية تدل على عظمة عالم الأمر وامتداد زمانه .

/خ30