تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (3)

هذا بيان لرذيلة الزنا ، وأنه يدنس عرض صاحبه ، وعرض من قارنه ومازجه ، ما لا يفعله بقية الذنوب ، فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء ، إلا أنثى زانية ، تناسب حاله حالها ، أو مشركة بالله ، لا تؤمن ببعث ولا جزاء ، ولا تلتزم أمر الله ، والزانية كذلك ، لا ينكحها إلا زان أو مشرك { وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ْ } أي : حرم عليهم أن ينكحوا زانيا ، أو ينكحوا زانية .

ومعنى الآية : أن من اتصف بالزنا ، من رجل أو امرأة ، ولم يتب من ذلك ، أن المقدم على نكاحه ، مع تحريم الله لذلك ، لا يخلو إما أن لا يكون ملتزما لحكم الله ورسوله ، فذاك لا يكون إلا مشركا ، وإما أن يكون ملتزما لحكم الله ورسوله ، فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه ، فإن هذا النكاح زنا ، والناكح زان مسافح ، فلو كان مؤمنا بالله حقا ، لم يقدم على ذلك ، وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب ، وكذلك إنكاح الزاني حتى يتوب ، فإن مقارنة الزوج لزوجته ، والزوجة لزوجها ، أشد الاقترانات والازدواجات ، وقد قال تعالى : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ ْ } أي : قرناءهم ، فحرم الله ذلك ، لما فيه من الشر العظيم ، وفيه من قلة الغيرة ، وإلحاق الأولاد ، الذين ليسوا من الزوج ، وكون الزاني لا يعفها بسبب اشتغاله بغيرها ، مما بعضه كاف للتحريم{[556]} وفي هذا دليل أن الزاني ليس مؤمنا ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " فهو وإن لم يكن مشركا ، فلا يطلق عليه اسم المدح ، الذي هو الإيمان المطلق .


[556]:- في ب: كاف في التحريم
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (3)

ثم يزيد في تفظيع الفعلة وتبشيعها ، فيقطع ما بين فاعليها وبين الجماعة المسلمة من وشيجة :

( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك . وحرم ذلك على المؤمنين ) . .

وإذن فالذين يرتكبون هذه الفعلة لا يرتكبونها وهم مؤمنون . إنما يكونون في حالة نفسية بعيدة عن الإيمان وعن مشاعر الإيمان . وبعد ارتكابها لا ترتضي النفس المؤمنة أن ترتبط في نكاح مع نفس خرجت عن الإيمان بتلك الفعلة البشعة ؛ لأنها تنفر من هذا الرباط وتشمئز . حتى لقد ذهب الإمام أحمد إلى تحريم مثل هذا الرباط بين زان وعفيفة ، وبين عفيف وزانية ؛ إلا أن تقع التوبة التي تطهر من ذلك الدنس المنفر . وعلى أية حال فالآية تفيد نفور طبع المؤمن من نكاح الزانية ، ونفور طبع المؤمنة من نكاح الزاني ؛ واستبعاد وقوع هذا الرباط بلفظ التحريم الدال على شدة الاستبعاد : ( وحرم ذلك على المؤمنين ) . . وبذلك تقطع الوشائج التي تربط هذا الصنف المدنس من الناس بالجماعة المسلمة الطاهرة النظيفة .

ورد في سبب نزول هذه الآية أن رجلا يقال له : مرثد بن أبي مرثد كان يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة . وكانت امرأة بغي بمكة يقال لها : عناق . وكانت صديقة له . وأنه واعد رجلا من أسارى مكة يحمله . قال : فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة . قال : فجاءت عناق ، فأبصرت سواد ظل تحت الحائط . فلما انتهت إلي عرفتني . فقالت : مرثد ? فقلت : مرثد ! فقالت : مرحبا وأهلا . هلم فبت عندنا الليلة : قال : فقلت : يا عناق حرم الله الزنا . فقالت : يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم . قال : فتبعني ثمانية ، ودخلت الحديقة . فانتهيت إلى غار أو كهف ، فدخلت ، فجاءوا حتى قاموا على رأسي ، فبالوا ، فظل بولهم على رأسي ، فأعماهم الله عني . قال : ثم رجعوا فرجعت إلى صاحبي فحملته ؛ وكان رجلا ثقيلا ؛ حتى انتهيت إلى الإذخر ؛ ففككت عنه أحبله ، فجعلت أحمله ويعينني حتى أتيت به المدينة ؛ فأتيت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فقلت : يا رسول الله أنكح عناقا ? - مرتين - فأمسك رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فلم يرد علي شيئا حتى نزلت( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ، وحرم ذلك على المؤمنين )فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " يا مرثد . الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة . فلا تنكحها " .

فهذه الرواية تفيد تحريم نكاح المؤمن للزانية ما لم تتب ، ونكاح المؤمنة للزاني كذلك . وهو ما أخذ به الإمام أحمد . ورأى غيره غير رأيه . والمسألة خلافية تطلب في كتب الفقه . وعلى أية حال فهي فعلة تعزل فاعلها عن الجماعة المسلمة ؛ وتقطع ما بينه وبينها من روابط . وهذه وحدها عقوبة اجتماعية أليمة كعقوبة الجلد أو أشد وقعا !

والإسلام وهو يضع هذه العقوبات الصارمة الحاسمة لتلك الفعلة المستنكرة الشائنة لم يكن يغفل الدوافع الفطرية أو يحاربها . فالإسلام يقدر أنه لا حيلة للبشر في دفع هذه الميول ، ولا خير لهم في كبتها أو قتلها . ولم يكن يحاول أن يوقف الوظائف الطبيعية التي ركبها الله في كيانهم ، وجعلها جزءا من ناموس الحياة الأكبر ، يؤدي إلى غايته من امتداد الحياة ، وعمارة الأرض ، التي استخلف فيها هذا الإنسان .

إنما أراد الإسلام محاربة الحيوانية التي لا تفرق بين جسد وجسد ، أو لا تهدف إلى إقامة بيت ، وبناء عش ، وإنشاء حياة مشتركة ، لا تنتهي بانتهاء اللحظة الجسدية الغليظة ! وأن يقيم العلاقات الجنسية على أساس من المشاعر الإنسانية الراقية ، التي تجعل من التقاء جسدين نفسين وقلبين وروحين ، وبتعبير شامل التقاء إنسانين ، تربط بينهما حياة مشتركة ، وآمال مشتركة ، وآلام مشتركة ، ومستقبل مشترك ، يلتقي في الذرية المرتقبة ، ويتقابل في الجيل الجديد الذي ينشأ في العش المشترك ، الذي يقوم عليه الوالدان حارسين لا يفترقان .

من هنا شدد الإسلام في عقوبة الزنا بوصفه نكسة حيوانية ، تذهب بكل هذه المعاني ، وتطيح بكل هذه الأهداف ؛ وترد الكائن الإنساني مسخا حيوانيا ، لا يفرق بين أنثى وأنثى ، ولا بين ذكر وذكر . مسخا كل همه إرواء جوعة اللحم والدم في لحظة عابرة . فإن فرق وميز فليس وراء اللذة بناء في الحياة ، وليس وراءها عمارة في الأرض ، وليس وراءها نتاج ولا إرادة نتاج ! بل ليس وراءها عاطفة حقيقية راقية ، لأن العاطفة تحمل طابع الاستمرار . وهذا ما يفرقها من الانفعال المنفرد المتقطع ، الذي يحسبه الكثيرون عاطفة يتغنون بها ، وإنما هي انفعال حيواني يتزيا بزي العاطفة الإنسانية في بعض الأحيان !

إن الإسلام لا يحارب دوافع الفطرة ولا يستقذرها ؛ إنما ينظمها ويطهرها ، ويرفعها عن المستوى الحيواني ، ويرقيها حتى تصبح المحور الذي يدور عليه الكثير من الآداب النفسية والاجتماعية . فأما الزنا - وبخاصة البغاء - فيجرد هذا الميل الفطري من كل الرفرفات الروحية ، والأشواق العلوية ؛ ومن كل الآداب التي تجمعت حول الجنس في تاريخ البشرية الطويل ؛ ويبديه عاريا غليظا قذرا كما هو في الحيوان ، بل أشد غلظا من الحيوان . ذلك أن كثيرا من أزواج الحيوان والطير تعيش متلازمة ، في حياة زوجية منظمة ، بعيدة عن الفوضى الجنسية التي يشيعها الزنا - وبخاصة البغاء - في بعض بيئات الإنسان !

دفع هذه النكسة عن الإنسان هو الذي جعل الإسلام يشدد ذلك التشديد في عقوبة الزنا . . ذلك إلى الأضرار الاجتماعية التي تعارف الناس على أن يذكروها عند الكلام عن هذه الجريمة ، من اختلاط الأنساب ، وإثارة الأحقاد ، وتهديد البيوت الآمنة المطمئنة . . . وكل واحد من هذه الأسباب يكفي لتشديد العقوبة . ولكن السبب الأول وهو دفع النكسة الحيوانية عن الفطرة البشرية ، ووقاية الآداب الإنسانية التي تجمعت حول الجنس ، والمحافظة على أهداف الحياة العليا من الحياة الزوجية المشتركة القائمة على أساس الدوام والامتداد . . هذا السبب هو الأهم في اعتقادي . وهو الجامع لكل الأسباب الفرعية الأخرى .

على أن الإسلام لا يشدد في العقوبة هذا التشديد إلا بعد تحقيق الضمانات الوقائية المانعة من وقوع الفعل ، ومن توقيع العقوبة إلا في الحالات الثابتة التي لا شبهة فيها . فالإسلام منهج حياة متكامل ، لا يقوم على العقوبة ؛ إنما يقوم على توفير أسباب الحياة النظيفة . ثم يعاقب بعد ذلك من يدع الأخذ بهذه الأسباب الميسرة ويتمرغ في الوحل طائعا غير مضطر .

وفي هذه السورة نماذج من هذه الضمانات الوقائية الكثيرة ستأتي في موضعها من السياق . .

فإذا وقعت الجريمة بعد هذا كله فهو يدرأ الحد ما كان هناك مخرج منه لقوله [ صلى الله عليه وسلم ] : ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطى ء في العفو خير من أن يخطى ء في العقوبة لذلك يطلب شهادة أربعة عدول يقرون برؤية الفعل . أو اعترافا لا شبهة في صحته .

وقد يظن أن العقوبة إذن وهمية لا تردع أحدا ، لأنها غير قابلة للتطبيق . ولكن الإسلام - كما ذكرنا - لا يقيم بناءه على العقوبة ، بل على الوقاية من الأسباب الدافعة إلى الجريمة ؛ وعلى تهذيب النفوس ، وتطهير الضمائر ؛ وعلى الحساسية التي يثيرها في القلوب ، فتتحرج من الإقدام على جريمة تقطع ما بين فاعلها وبين الجماعة المسلمة من وشيجة . ولا يعاقب إلا المتبجحين بالجريمة ، الذين يرتكبونها بطريقة فاضحة مستهترة فيراها الشهود . أو الذين يرغبون في التطهر بإقامة الحد عليهم كما وقع لماعز ولصاحبته الغامدية . وقد جاء كل منهما يطلب من النبي [ صلى الله عليه وسلم ] أن يطهره بالحد ، ويلح في ذلك ، على الرغم من إعراض النبي مرارا ؛ حتى بلغ الإقرار أربع مرات . ولم يعد بد من إقامة الحد ، لأنه بلغ إلى الرسول بصفة مستيقنة لا شبهة فيها . والرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يقول : " تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب "

فإذا وقع اليقين ، وبلغ الأمر إلى الحاكم ، فقد وجب الحد ولا هوادة ، ولا رأفة في دين الله . فالرأفة بالزناة الجناة حينئذ هي قسوة على الجماعة ، وعلى الآداب الإنسانية ، وعلى الضمير البشري . وهي رأفة مصطنعة . فالله أرأف بعباده . وقد اختار لهم . وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم . والله أعلم بمصالح العباد ، وأعرف بطبائعهم ، فليس لمتشدق أن يتحدث عن قسوة العقوبة الظاهرية ؛ فهي أرأف مما ينتظر الجماعة التي يشيع فيها الزنا ، وتفسد فيها الفطرة ، وترتكس في الحمأة ، وتنتكس إلى درك البهيمة الأولى . .

والتشديد في عقوبة الزنا لا يغني وحده في صيانة حياة الجماعة ، وتطهير الجو الذي تعيش فيه . والإسلام لا يعتمد على العقوبة في إنشاء الحياة النظيفة - كما قلنا - إنما يعتمد على الضمانات الوقائية وعلى تطهير جو الحياة كلها من رائحة الجريمة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (3)

هذا خَبَر من الله تعالى بأن الزاني لا يَطأ إلا زانية أو مشركة . أي : لا يطاوعه على مراده من الزنى إلا زانية عاصية أو مشركة ، لا ترى حرمة ذلك ، وكذلك : { الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ } أي : عاص بزناه ، { أَوْ مُشْرِكٌ } لا يعتقد تحريمه .

قال سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي عَمَرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما : { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً } قال : ليس هذا بالنكاح ، إنما هو الجماع ، لا يزني بها إلا زانٍ أو مشرك .

وهذا إسناد صحيح عنه ، وقد رُوي عنه من غير وجه أيضا . وقد رُوي عن مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وعُرْوَة بن الزبير ، والضحاك ، ومكحول ، ومُقَاتِل بن حَيَّان ، وغير واحد ، نحوُ ذلك .

وقوله تعالى : { وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } أي : تعاطيه والتزويج بالبغايا ، أو تزويج العفائف بالفجار من الرجال .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا قَيْس ، عن أبي حُصَين ، عن سعيد بن جُبَيْرٍ ، عن ابن عباس : { وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } قال : حَّرم الله الزنى على المؤمنين .

وقال قتادة ، ومقاتل بن حَيّان : حرم الله على المؤمنين نكاح البغايا ، وتَقَدّم في ذلك فقال : { وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }

وهذه الآية كقوله تعالى : { مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ } [ النساء : 25 ] وقوله { مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } الآية [ المائدة : 5 ] ومن هاهنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله ، إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب ، فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح ، حتى يتوب توبة صحيحة ؛ لقوله تعالى : { وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }

وقال الإمام أحمد : حدثنا عارم{[20760]} ، حدثنا مُعْتَمِر بن سليمان قال : قال أبي : حدثنا الحضرمي ، عن القاسم بن محمد ، عن عبد الله بن عَمْرو ، رضي الله عنهما ، أن رجلا من المسلمين استأذنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها : " أم مهزول " كانت تسافح ، وتشترط له أن تنفق عليه - قال : فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أو : ذكر له أمرها - قال : فقرأ عليه رسول{[20761]} الله صلى الله عليه وسلم : { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } {[20762]} .

وقال النسائي : أخبرنا عمرو بن علي ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن الحضرمي ، عن القاسم بن محمد ، عن عبد الله بن عمرو قال : كانت امرأة يقال لها : " أم مهزول " وكانت تسافح ، فأراد رجل من أصحاب رسول{[20763]} الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها ، فأنزل الله عز وجل : { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } {[20764]} .

[ و ]{[20765]} قال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا روح بن عُبَادة بن عُبَيد الله بن الأخنس ، أخبرني عمرو بن شُعَيب عن أبيه ، عن جده قال : كان رجل يقال له " مَرْثَد بن أبي مرثد " وكان رجلا يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة . قال : وكانت امرأةٌ بَغي{[20766]} بمكة يقال لها " عَنَاق " ، وكانت صديقة له ، وأنه واعد{[20767]} رجلا من أسارى مكة يحمله . قال : فجئت حتى انتهيتُ إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة ، قال : فجاءت " عناق " فأبصرت سواد ظلي تحت الحائط ، فلما انتهت إليّ عرفتني{[20768]} ، فقالت : مَرْثَد ؟ فقلت : مرثد فقالت : مرحبًا وأهلا هلم فبت عندنا الليلة . قال : فقلت{[20769]} يا عناق ، حرم الله الزنى . فقالت{[20770]} يا أهل الخيام ، هذا الرجل يحمل أسراكم . قال : فتبعني ثمانية ودخلت الحَندمة{[20771]} فانتهيت إلى غار - أو كهف فدخلت فيه{[20772]} فجاءوا حتى قاموا على رأسي فبالوا ، فظل بولهم على رأسي ، فأعماهم الله عني - قال : ثم رجعوا ، فرجعت إلى صاحبي فحملته ، وكان رجلا ثقيلا حتى انتهيت إلى الإذخر ، ففككت عنه أكبُله ، {[20773]} فجعلت أحمله ويعِينني ، حتى أتيت به{[20774]} المدينة ، فأتيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، أنكح عناقا ؟ أنكح عناقا ؟ - مرتين - فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يرد علي شيئا ، حتى نزلت { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا مرثد ، { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً [ وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ] } {[20775]}

فلا تنكحها " ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

وقد رواه أبو داود والنسائي ، في كتاب النكاح من سننهما{[20776]} من حديث عبيد الله بن الأخنس ، به{[20777]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا مُسَدَّد أبو الحسن ، حدثنا عبد الوارث ، عن حبيب المعلم ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن سعيد المَقْبُرِيّ ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله " .

وهكذا أخرجه أبو داود في سننه ، عن مسدد وأبي معمر - عبد الله بن عمرو - كلاهما ، عن عبد الوارث ، به{[20778]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن أخيه عمر بن محمد ، عن عبد الله بن يسار - مولى ابن عمر - قال : أشهد لسمعت سالما يقول : قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يدخلون الجنة ، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة - المتشبهة بالرجال - والديوث . وثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، ومُدْمِن الخمر ، والمنَّان بما أعطى " .

ورواه النسائي ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن يزيد بن زُرَيع ، عن عُمَر بن محمد العُمَري ، عن عبد الله بن يسار ، به{[20779]} .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، حدثنا الوليد بن كثير ، عن قَطَن بن وهب ، عن عُوَيْمر بن الأجدع ، عمن حدثه ، عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : حدثني عبد الله بن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة حرم الله عليهم الجنة : مدمن الخمر ، والعاق ، والدَّيُّوث الذي يقر في أهله الخبث " {[20780]} .

وقال أبو داود الطيالسي في مسنده : حدثنا شعبة ، حدثني رجل - من آل سهل بن حُنَيْف - ، عن محمد بن عَمَّار ، عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة دَيُّوث " {[20781]} .

يستشهد به لما قبله من الأحاديث .

وقال ابن ماجه : حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا سَلام بن سَوَّار ، حدثنا كَثِير بن سُلَيم ، عن الضحاك بن مُزَاحِم : سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يقول ]{[20782]} " من أراد أن يلقى الله طاهرًا مُطَهَّرًا ، فليتزوج الحرائر " .

في إسناده ضعف{[20783]} .

قال الإمام أبو نصر إسماعيل بن حَمَّاد الجوهري في كتاب " الصحاح في اللغة : " الدَّيُّوث القُنذُع وهو الذي لا غَيرَةَ له{[20784]} .

فأما الحديث الذي رواه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب " النكاح " من{[20785]} سننه : أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عُلَيَّة ، عن يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة وغيره ، عن هارون ابن رئاب ، عن عبد الله بن عُبَيد بن عمير - وعبد الكريم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن ابن عباس - عبدُ الكريم رفعه إلى ابن عباس ، وهارون لم يرفعه - قالا جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن عندي امرأة [ هي ]{[20786]} من أحبِّ الناس إلي{[20787]} وهي لا تمنع يد لامِس قال : " طلقها " . قال : لا صبر لي عنها قال : " استمتع بها " ، ثم قال النسائي : هذا الحديث غير ثابت ، وعبد الكريم ليس بالقوي ، وهارون أثبت منه ، وقد أرسل الحديث وهو ثقة ، وحديثه أولى بالصواب من حديث عبد الكريم . {[20788]} .

قلت : وهو ابن أبي المخارق البصري المؤدب تابعي ضعيف الحديث ، وقد خالفه هارون بن رئاب ، وهو تابعي ثقة من رجال مسلم ، فحديثه المرسل أولى كما قال النسائي . لكن قد رواه النسائي في كتاب " الطلاق " ، عن إسحاق بن راهويه ، عن النضر بن شمَُيل{[20789]} عن حماد بن سلمة ، عن هارون بن رئاب ، عن عبد الله بن عُبَيد بن عمير ، عن ابن عباس مسندا ، فذكره بهذا الإسناد ، رجاله على شرط مسلم ، إلا أن النسائي بعد روايته له قال : " وهذا خطأ ، والصواب مرسل " {[20790]} ورواه غير النضر على الصواب .

وقد رواه النسائي أيضا وأبو داود ، عن الحسين بن حُرَيث ، أخبرنا الفضل بن موسى ، أخبرنا الحسين بن واقد ، عن عُمَارة بن أبي حفصة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره . وهذا إسناد جيد{[20791]} .

وقد اختلف الناس في هذا الحديث ما بين مُضَعِّف له ، كما تقدَّم ، عن النسائي ، وكما قال الإمام أحمد : هو حديث منكر .

وقال ابن قتيبة : إنما أراد أنها سخية لا تمنع سائلا . وحكاه النسائي في سننه ، عن بعضهم فقال : وقيل : " سخية تعطي " ، ورُدّ هذا بأنه لو كان المراد لقال : لا تَرُدّ يد ملتمس .

وقيل : المراد أن سجيتها لا تَرُدّ يد لامس ، لا أن المراد أن هذا واقع منها ، وأنها تفعل الفاحشة ؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها . فإن زوجها - والحالة هذه - يكون دَيّوثا ، وقد تقدم الوعيد على ذلك . ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها لو خلا بها أحد ، أمره رسولُ صلى الله عليه وسلم بفراقها . فلما ذكر أنه يحبها أباح له البقاء معها ؛ لأن محبته لها محققة ، ووقوع الفاحشة منها متوهم{[20792]} فلا يُصَار إلى الضرر العاجل لتوهم الآجل ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

قالوا : فأما إذا حصلت توبة فإنه يحل التزويج ، كما قال الإمام أبو محمد بن أبي حاتم رحمه الله :

حدثنا أبو سعيد الأشَجّ ، حدثنا أبو خالد ، عن ابن أبي ذئب ، قال : سمعت [ شعبة ]{[20793]} -مولى ابن عباس ، رضي الله عنه - قال : سمعت ابن عباس وسأله رجل قال{[20794]} : إني كنت ألم بامرأة آتي منها ما حَرّم الله عز وجل عليّ ، فرزق الله عز وجل من ذلك توبة ، فأردت أن أتزوجها ، فقال أناس : إن الزاني لا ينكح إلا زانية . فقال ابن عباس : ليس هذا في هذا ، انكحها فما كان من إثم فعلي .

وقد ادعى طائفة آخرون من العلماء أن هذه الآية منسوخة ، قال ابن أبي حاتم :

حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد ابن المسيب . قال : ذُكر عنده { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ } قال : كان يقال : نسختها [ الآية ]{[20795]} التي بعدها : { وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ } [ النور : 32 ] قال : كان يقال الأيامى من المسلمين .

وهكذا رواه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " الناسخ والمنسوخ " له ، عن سعيد بن المسيب . ونص على ذلك أيضا الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ، رحمه الله .


[20760]:- في ف ، أ : "عارم بن الفضل".
[20761]:- في ف ، أ : "نبي".
[20762]:- المسند (2/159).
[20763]:- في ف : "النبي".
[20764]:- النسائي في السنن الكبرى برقم (11359).
[20765]:- زيادة في ف ، أ.
[20766]:- في أ : "تغني".
[20767]:- في ف : "وعد"
[20768]:- في ف ، أ : "عرفت".
[20769]:- في ف : "قلت".
[20770]:- في ف : "قالت".
[20771]:- في ف ، أ : "الحديقة".
[20772]:- في أ : "به".
[20773]:- في أ : "أكليلة".
[20774]:- في ف : "قدمت".
[20775]:- زيادة من ف ، أ.
[20776]:- في ف : "سننيهما"
[20777]:- سنن الترمذي برقم (3177) وسنن أبي داود برقم (2051) وسنن النسائي (6/66).
[20778]:- سنن أبي داود برقم (2052).
[20779]:- المسند (2/134) وسنن النسائي (8/80).
[20780]:- المسند (2/69) وقال الهيثمي في المجمع (8/147) : "فيه راوٍ لم يسم".
[20781]:- مسند الطيالسي برقم (642).
[20782]:- زيادة من ف ، أ.
[20783]:- سنن ابن ماجه برقم (1862) ووجه ضعف إسناده ؛ لأن فيه كثير بن سليم ، وهو ضعيف ، وسلام هو ابن سليمان بن سوار المدائني ، قال ابن عدي : "عنده مناكير" وقال العقيلي : "في حديثه مناكير" قال ذلك البوصيري في مصباح الزجاجة (2/73).
[20784]:- الصحاح (1/282).
[20785]:- في ف ، أ : "في.
[20786]:- زيادة من ف ، أ ، والنسائي.
[20787]:- في ف : "لي".
[20788]:- سنن النسائي (6/67)
[20789]:- في ف ، أ : "إسماعيل".
[20790]:- سنن النسائي (6/170).
[20791]:- سنن النسائي (6/169).
[20792]:- في أ : "يتوهم".
[20793]:- زيادة من ف ، أ.
[20794]:- في أ : "فقال".
[20795]:- زيادة من ف ، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (3)

القول في تأويل قوله تعالى : { الزّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } .

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : نزلت هذه الآية في بعض من استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نكاح نسوة كنّ معروفات بالزنا من أهل الشرك ، وكنّ أصحاب رايات ، يُكْرِين أنفسهنّ ، فأنزل الله تحريمهنّ على المؤمنين ، فقال : الزاني من المؤمنين لا يتزوّج إلاّ زانية أو مشركة ، لأنهنّ كذلك والزانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلاّ زان من المؤمنين أو المشركين أو مشرك مثلها ، لأنهنّ كنّ مشركات . وَحُرّمَ ذلكَ عَلى المُؤْمِنِينَ فحرّم الله نكاحهنّ في قول أهل هذه المقالة بهذه الآية . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : ثني الحضرميّ ، عن القاسم بن محمد ، عن عبد الله بن عمرو : أن رجلاً من المسلمين استأذن نبيّ الله في امرأة يقال لها أمّ مهزول ، كانت تسافح الرجل وتشترط له أن تنفق عليه ، وأنه استأذن فيها نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وذكر له أمرها ، قال : فقرأ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : الزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ أو قال : فأنزلت الزانية . . . .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثني هُشَيم ، عن التيميّ ، عن القاسم بن محمد ، عن عبد الله بن عمرو في قوله : الزّاني لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً ، وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ قال : كنّ نساء معلومات ، قال : فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوّج المرأة منهنّ لتنفق عليه ، فنهاهم الله عن ذلك .

قال : أخبرنا سليمان التيمي ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كنّ نساء موارد بالمدينة .

حدثنا أحمد بن المِقدام ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت أبي ، قال : حدثنا قَتادة ، عن سعيد بن المسيب في هذه الآية : وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ قال : نزلت في نساء موارد كنّ بالمدينة .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عاصم الكلابيّ ، قال : حدثنا معتمر ، عن أبيه ، عن قَتادة ، عن سعيد ، بنحوه .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن رجل ، عن عمرو بن شعيب ، قال : كان لمرثَد صديقة في الجاهلية يقال لها عِناق ، وكان رجلاً شديدا ، وكان يقال له دُلْدُل ، وكان يأتي مكة فيحمل ضَعَفة المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقي صديقته ، فدعته إلى نفسها ، فقال : إن الله قد حرّم الزنا فقالت : أنّى تَبْرُز فخشي أن تشيع عليه ، فرجع إلى المدينة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كانت لي صديقة في الجاهلية ، فهل ترى لي نكاحها ؟ قال : فأنزل الله : الزّاني لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ قال : كنّ نساء معلومات يُدْعَوْن القليقيات .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن إبراهيم بن مهاجر ، قال : سمعت مجاهدا يقول في هذه الآية : الزّاني لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشَرِكَةً قال : كنّ بغايا في الجاهلية .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن عبد الملك ، عمن أخبره ، عن مجاهد ، نحوا من حديث ابن المثنى ، إلاّ أنه قال : كانت امرأَة منهنّ يقال لها : أمّ مهزول يعني في قوله : الزّانِي لا ينْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً قال : فكنّ نساء معلومات ، قال : فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوّج المرأة منهنّ لتنفق عليه ، فنهاهم الله عن ذلك . هذا من حديث التيميّ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : الزّاني لا يَنْكحُ إلاّ زَانيَةً قال : رجال كانوا يريدون الزنا بنساء زوان بغايا متعالمَات كنّ في الجاهلية ، فقيل لهم هذا حرام ، فأرادوا نكاحهن ، فحرم الله عليهم نكاحهن .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، بنحوه ، إلاّ أنه قال : بغايا مُعْلِنات كنّ كذلك في الجاهلية .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبيّ وابن أبي ذئب ، عن شعبة ، عن ابن عباس ، قال : كنّ بغايا في الجاهلية ، على أبوابهنّ رايات مثل رايات البيطار يعرفن بها .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن قيس بن سعد ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، قال : نساء بغايا متعالمَات ، حرّم الله نكاحهنّ ، لا ينكحهنّ إلاّ زان من المؤمنين أو مشرك من المشركين .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : الزّانِي لا يَنْكحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً وَالزّانيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ وحُرّمَ ذلكَ عَلى المُؤْمِنينَ قال : كانت بيوتٌ تسمى المواخير في الجاهلية ، وكانوا يؤاجرون فيها فتياتهنّ ، وكانت بيوتا معلومة للزنا ، لا يدخل عليهنّ ولا يأتيهنّ إلاّ زان من أهل القبلة أو مشرك من أهل الأوثان ، فحرّم الله ذلك على المؤمنين .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء ، في قوله : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ قال : بغايا متعالمَات كنّ في الجاهلية بغيّ آل فلان وبغيّ آل فلان ، فأنزل الله : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذلكَ عَلى المُؤْمِنِينَ فحكم الله بذلك من أمر الجاهلية على الإسلام . فقال له سليمان بن موسى : أبلغك ذلك عن ابن عباس ؟ فقال : نعم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : سمعت عطاء بن أبي رباح يقول في ذلك : كنّ بغايا متعالمَات بغيّ آل فلان وبغيّ آل فلان ، وكنّ زواني مشركات ، فقال : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذلكَ عَلى المُؤْمِنِينَ قال : أَحَكَم الله من أمر الجاهلية بهذا . قيل له : أبلغك هذا عن ابن عباس ؟ قال : نعم .

قال ابن جريج : وقال عكرِمة : إنه كان يسمّي تسعا بعد صواحب الرايات ، وكنّ أكثر من ذلك ، ولكن هؤلاء أصحاب الرايات : أمّ مهزول جارية السائب بن أبي السائب المخزوميّ ، وأمّ عُلَيط جارية صفوان بن أمية ، وحنّة القبطية جارية العاصي بن وائل ، ومَرِيّة جارية مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار ، وحلالة جارية سهيل بن عمرو ، وأمّ سويد جارية عمرو بن عثمان المخزومي ، وسريفة جارية زمعة بن الأسود ، وفرسة جارية هشام بن ربيعة بن حبيب بن حذيفة بن جبل بن مالك بن عامر بن لؤُيّ ، وقريبا جارية هلال بن أنس بن جابر بن نمر بن غالب بن فهر .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وقال الزهري وقتادة ، قالوا : كان في الجاهلية بغايا معلوم ذلك منهنّ ، فأراد ناس من المسلمين نكاحهنّ ، فأنزل الله : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ . . . الآية .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن نجيح ، عن مجاهد ، وقاله الزهريّ وقتادة ، قالوا : كانوا في الجاهلية بغايا ، ثم ذكر نحوه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن القاسم بن أبي بَزّة : كان الرجل ينكح الزانية في الجاهلية التي قد علم ذلك منها يتخذها مَأْكلة ، فأراد ناس من المسلمين نكاحهنّ على تلك الجهة ، فُنهوا عن ذلك .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن أبي نجيح ، قال : قال القاسم بن أبي بزّة ، فذكر نحوه .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا سليمان التيميّ ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كنّ نساء مَواردَ بالمدينة .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جُبير : أن نساء في الجاهلية كنّ يُؤاجرن أنفسهنّ ، وكان الرجل إنما ينكح إحداهنّ يريد أن يصيب منها عَرَضا ، فنهوا عن ذلك ، ونزل : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ ومنهنّ امرأة يقال لها أمّ مهزول .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا جابر بن نوح ، عن إسماعيل ، عن الشعبيّ ، في قوله : الزّانِي لا يَنْكِح إلاّ زَانيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ قال : كنّ نساء يُكْرِين أنفسهنّ في الجاهلية .

وقال آخرون : معنى ذلك : الزاني لا يزنى إلاّ بزانية أو مشركة ، والزانية لا يزنى بها إلاّ زان أو مشرك . قالوا : ومعنى النكاح في هذا الموضع : الجماع . ذكر من قال ذلك :

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن حُصَين ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، في قول الله : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً قال : لا يزنى إلاّ بزانية أو مشركة .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن يَعْلَى بن مسلم ، عن سعيد بن جُبير أنه قال في هذه الآية : وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زانٍ أوْ مُشْرِكٌ قال : لا يزنى الزاني إلاّ بزانية مثله أو مشركة .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن شُبْرُمة ، عن سعيد بن جُبير وعكرمة في قوله : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً قالا : هو الوطء .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد ، عن معمر ، قال : قال سعيد بن جُبير ومجاهد : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً قالا : هو الوطء .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك بن مزاحم وشعبة ، عن يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جُبير ، قوله : الزّاني لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ قالا : لا يزني الزاني حين يزني إلاّ بزانية مثله أو مشركة ، ولا تزني مشركة إلاّ بمثلها .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : الزّاني لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ قال : هؤلاء بغايا كنّ في الجاهلية ، والنكاح في كتاب الله الإصابة ، لا يصيبها إلاّ زان أو مشرك ، لا يحرم الزنا ، ولا تصيب هي إلاّ مثلها . قال : وكان ابن عباس يقول : بغايا كنّ في الجاهلية .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن قيس بن سعد ، عن سعيد بن جُبير ، قال : إذا زنى بها فهو زان .

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : الزّاني لا يَنْكِحُ إلاّ زَانيَةً أوْ مُشْرِكَةً قال : الزاني من أهل القبلة لا يزنى إلاّ بزانية مثله أو مشركة . قال : والزانية من أهل القبلة لا تزنى إلاّ بزان مثلها من أهل القبلة أو مشرك من غير أهل القبلة . ثم قال : وَحُرّمَ ذلكَ على المُؤْمِنينَ .

وقال آخرون : كان هذا حكم الله في كلّ زان وزانية ، حتى نسخه بقوله : وأنْكِحُوا الأيامَى منْكُمْ ، فأحلّ نكاح كلّ مسلمة وإنكاح كلّ مسلم . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، في قوله : الزّاني لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ وحُرّم ذلكَ عَلى المُؤْمِنِينَ قال : يَرَوْن الآية التي بعدها نسختها : وأنْكِحُوا الأيامَى مِنْكُمْ قال : فهن من أيامى المسلمين .

حدثنا القاسم ، قال حدثنا الحسين قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : أخبرني يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب : الزّاني لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلاّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٌ قال : نسختها التي بعدها : وأنْكِحُوا الأيامَى مِنْكُمْ وقال : إنهنّ من أيامى المسلمين .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : وذكر عن يحيى ، عن ابن المسيب ، قال : نسختها : وأنْكِحُوا الأيامَى مِنْكُمْ .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : نسختها قوله : وأنْكِحُوا الأيامَى .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا أنس بن عياض ، عن يحيى ، قال : ذكر عند سعيد بن المسيب : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً قال : فسمعته يقول : إنها قد نسختها التي بعدها . ثم قرأها سعيد ، قال : يقول الله : الزّانِي لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً ثم يقول الله : وأنْكِحُوا الأيامَى مِنْكُمْ فهنّ من أيامى المسلمين .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : عُني بالنكاح في هذا الموضع الوطء ، وأن الآية نزلت في البغايا المشركات ذوات الرايات وذلك لقيام الحجة على أن الزانية من المسلمات حرام على كلّ مشرك ، وأن الزاني من المسلمين حرام عليه كلّ مشركة من عَبَدة الأوثان . فمعلوم إذا كان ذلك كذلك أنه لم يُعْنَ بالآية أن الزاني من المؤمنين لا يعقد عقد نكاح على عفيفة من المسلمات ولا ينكح إلاّ بزانية أو مشركة . وإذ كان ذلك كذلك ، فبين أن معنى الآية : الزاني لا يزني إلاّ بزانية لا تستحلّ الزنا أو بمشركة تستحلّه .

وقوله : وَحُرّمَ ذلكَ عَلى المُؤْمِنِينَ يقول : وحرّم الزنا على المؤمنين بالله ورسوله ، وذلك هو النكاح الذي قال جلّ ثناؤه : الزّاني لا يَنْكِحُ إلاّ زَانِيَةً .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (3)

{ الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } إذ الغالب أن المائل إلى الزنا لا يرغب في نكاح الصوالح والمسافحة لا يرغب فيها الصلحاء ، فإن المشاكلة علة للألفة والتضام ، والمخافة سبب للنفرة والافتراق . وكان حق المقابلة أن يقال والزانية لا تنكح إلا من هو زان أو مشرك . لكن المراد بيان أحوال الرجال في الرغبة فيهن . لأن الآية نزلت في ضعفة المهاجرين لما هموا أن يتزوجوا بغايا يكرين أنفسهن لينفقن لأن الآية عليهم من أكسابهن على عادة الجاهلية ولذلك قدم الزاني . { وحرم ذلك على المؤمنين } لأنه تشبه بالفساق وتعرض للتهمة وتسبب لسوء القالة والطعن في النسب وغير ذلك من المفاسد ، ولذلك عبر عن التنزيه بالتحريم مبالغة . وقيل النفي بمعنى النهي ، وقد قرىء به والحرمة على ظاهرها والحكم مخصوص بالسبب الذي ورد فيه ، أو منسوخ بقوله تعالى : { وأنكحوا الأيامى منكم } فإنه يتناول المسافحات ، ويؤيده أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن ذلك فقال : " أوله سفاح وآخره نكاح والحرام لا يحرم الحلال " ، وقيل المراد بالنكاح الوطء فيؤول إلى نهي الزاني عن الزنا إلا بزانية ، والزانية أن يزني بها إلا زان وهو فاسد .