الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (3)

قوله تعالى ذكره : { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة }[ 3 ] ، إلى قوله { على المومنين } [ 3 ] .

هذه الآية نزلت{[47870]} في قوم من المؤمنين استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح نسوة من أهل الشرك معروفات ، كن يكرين أنفسهن للزنا ، فأنزل الله تعالى تحريمهن على المؤمنين فقال{[47871]} : الزاني من المؤمنين لا يتزوج امرأة من أولئك البغايا ، فإن تزوجها{[47872]} فإنما يتزوج زانية أو مشركة لأنهن كن مشركات{[47873]} ، والزانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلا زان من المؤمنين أو مشرك مثلها .

{ وحرم ذلك على المؤمنين } [ 3 ] ، أي حرم الله نكاحهن على المؤمنين .

قال{[47874]} ابن عمر : استأذن رجل من المؤمنين النبي صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها : أم مهزول كانت تسافح وتشترط له أن تنفق عليه فنزلت{[47875]} الآية .

قال{[47876]} مجاهد ، وقتادة ، والزهري : نزلت{[47877]} الآية في نساء معلوم منهن الزنا في الجاهلية ، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن ، فالآية على هذا{[47878]} القول مخصوصة محكمة في نساء بأعينهن .

وقال{[47879]} الحسن : معنى الآية : الزاني المجلود لا ينكح إلا زانية{[47880]} مجلودة{[47881]} أو مشركة ، وكذا الزانية . وهو مذهبه .

وروي{[47882]} عن أبي هريرة{[47883]} أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله .

فعلى قول الحسن تكون المشركة هنا{[47884]} يراد بها الكتابية ، وليس على{[47885]} هذا القول أحد من فقهاء الأمصار ، والحديث عندهم{[47886]} منسوخ{[47887]} بإنكاح الأيامى في القرآن .

قال أحمد{[47888]} بن يحيى : حقيقة النكاح الوطء .

تقول العرب : أنكحت الأرض الحنطة ، وأنكر هذا أبو إسحاق{[47889]} وقال : النكاح ليس هو الوطء ، إنما هو عقده .

وقيل الآية محكمة{[47890]} ، والمعنى الزاني المشهور ثلاثا لا يحل لمؤمنة{[47891]} أن تتزوجه ، والزانية المشهورة بالزنا لا يحل لمؤمن أن يتزوجها .

وقيل{[47892]} : هو{[47893]} منسوخ بإجماع المسلمين ، إن المؤمن الزاني لا يحل له نكاح مشركة ولا لغير{[47894]} زان ، وكذلك الزانية المؤمنة لا يحل لها نكاح مشرك أي زواجه بإجماع .


[47870]:انظر: أسباب النزول للواحدي ص236.
[47871]:بعده في ز "الزاني لا ينكح إلا زانية أي".
[47872]:ز: فأتزوجها.
[47873]:ز: مشتركات.
[47874]:انظر: ابن جرير 18/71، وابن العربي 3/1328، وزاد المسير 6/9، والقرطبي12/168، رواية عن عمرو بن العاص، ومجاهد، وانظر: ابن كثير 5/152، والدر المنثور 18/127، رواية عن مجاهد، وعن ابن عمر في ص128.
[47875]:انظر: أسباب النزول للسيوطي ص193.
[47876]:انظر: ابن جرير 18/73، أحكام القرآن للجصاص 3/265، والقرطبي 12/169.
[47877]:انظر: أسباب النزول للسيوطي ص193.
[47878]:"هذا" ساقطة من ز.
[47879]:انظر: أحكام القرآن للجصاص 3/265، وأحكام القرآن لابن العربي 3/1329، والبحر 6/430.
[47880]:ز: مثله.
[47881]:من "مجلودة إلا مثله" ساقطة من ز.
[47882]:انظر: أحمد بن حنبل 2/324، وأبو داود في باب النكاح.
[47883]:أبو هريرة صحابي جليل مشهور، حافظ لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، اختلف اسمه واسم أبيه، قيل: عبد الرحمن بن صخر، وقيل ابن غنم، وقيل غير ذلك، وذهب الأكثرون إلى أن أرجح الأقوال هو عبد الرحمن بن صخر مات 7، أو 8 أو59هـ وهو ابن ثمان وسبعين سنة. انظر: التقريب ص431.
[47884]:ز: معنى.
[47885]:"على" ساقطة من ز.
[47886]:ز: عنهم.
[47887]:انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس 229-230، والناسخ والمنسوخ لابن العربي 311.
[47888]:انظر: الأعلام 1/268.
[47889]:ع: "أبو إسحاق" والمقصود به "الزجاج".
[47890]:ز: عط به.
[47891]:ز: للمؤمنة.
[47892]:انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص230، والناسخ والمنسوخ للمقري ص131، والناسخ والمنسوخ لابن العربي 311.
[47893]:"هو" ساقطة من ز.
[47894]:ز: بغير.