فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (3)

{ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ { 3 ) }

المفحش حين يقترف خطيئته إنما يطأ زانية من المسلمين أو أخس منها زانية من المشركين والزانية{[2440]} يجامعها حين زناها زان من المسلمين أو أدون منه وهو المشرك . وحرم الله تعالى الزنى على المؤمنين .

وقيل{[2441]} : النكاح بمعنى التزوج ، والنفي بمعنى النهي ، وعبر به عنه للمبالغة .

قال ابن المسيب : وكان الحكم عاما في الزناة أن لا يتزوج أحدهم إلا زانية ، ثم جاءت الرخصة{[2442]} . ونسخ ذلك بقوله تعالى : { وأنكحوا الأيامي منكم . . ){[2443]} وقوله سبحانه : { . . فانكحوا ما طاب لكم من النساء . . ){[2444]} . وورد القول بالنسخ عن مجاهد{[2445]} .


[2440]:أورد صاحب تفسير غرائب القرآن..أسئلة في الآية الكريم والأجوبة عليها، ومنها: كيف قدمت الزانية على الزاني في الآية المتقدمة، وعكس الترتيب في هذه الآية؟ والجواب: أن تلك الآية مسوقة لبيان عقوبتهما على جنايتهما، وكانت المرأة أصلا فيها لأنها هي التي أطمعت الرجل في ذلك، وأما الثانية فمسوقة لذكر النكاح والرجل هو الأصل في الرغبة والخطبة، والثاني: ما الفرق بين الجملتين في الآية؟ والجواب: معنى الأول صفة الزاني بكونه غير راغب في العفائف ولكن في الفواجر، ومعنى الثانية صفة الزانية بكونها غير مرغوب فيها للإعفاء ولكن للزناة.. الثالث: أنا نرى الزاني قد ينكح المؤمنة العفيفة والزانية قد ينكحها المؤمن العفيف؟ الجواب: للمفسرين فيه وجوه: أحدها-وهو الأحسن- قول القفال: إن اللفظ وإن كان عاما إلا أن المراد منه الأعم الأغلب، وذلك أن الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزني والتقحب لا يرغب غالبا في نكاح الصوالح من النساء، وإنما يرغب فاسقة خبيثة من شكله أو في مشركة، والفاسقة الخبيثة المسافحة لا يرغب في نكاحها الصلحاء في الأغلب، وإنما يرغب فيها أشكالها من الفسقة أو المشركين، نظير هذا الكلام قول القائل: لا يفعل الخير إلا الرجل التقي، وقد يفعل بعض الخير من ليس بتقي، وأما المحرم على المؤمنين فصرف الرغبة إلى الزواني وترك الرغبة في الصالحات.
[2441]:نقل نحو هذا عن أبي مسلم، وأبي حيان، وأبي داود في ناسخه، والبيهقي في سننه، وغيرهم. عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
[2442]:أورده صاحب روح المعاني.
[2443]:سورة النور. من الآية 32.
[2444]:سورة النساء. من الآية 3.
[2445]:يقول علماء الأحكام: اختلف العلماء في معنى هذه الآية على ستة أوجه من التأويل.