ثم ذكر سبحانه شيئاً يختص بالزاني ، والزانية ، فقال { الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً } .
قد اختلف أهل العلم في معنى هذه الآية على أقوال : الأوّل : أن المقصود منها تشنيع الزنا ، وتشنيع أهله ، وأنه محرّم على المؤمنين ، ويكون معنى الزاني لا ينكح : الوطء لا العقد أي : الزاني لا يزني إلاّ بزانية ، والزانية لا تزني إلاّ بزانٍ ، وزاد ذكر المشركة والمشرك لكون الشرك أعمّ في المعاصي من الزنا . وردّ هذا الزجاج وقال : لا يعرف النكاح في كتاب الله إلاّ بمعنى التزويج ، ويردّ هذا الردّ بأن النكاح بمعنى الوطء ثابت في كتاب الله سبحانه ، ومنه قوله : { حتى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } [ البقرة : 230 ] فقد بينه النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بأن المراد به : الوطء ، ومن جملة القائلين بأن معنى الزاني لا ينكح إلاّ زانية : الزاني لا يزني إلا بزانية سعيد بن جبير ، وابن عباس ، وعكرمة ، كما حكاه ابن جرير عنهم ، وحكاه الخطابي عن ابن عباس . القول الثاني : أن الآية هذه نزلت في امرأة خاصة كما سيأتي بيانه فتكون خاصة بها كما قاله الخطابي . القول الثالث : أنها نزلت في رجل من المسلمين ، فتكون خاصة به قاله مجاهد . الرابع : أنها نزلت في أهل الصفة ، فتكون خاصة بهم قاله أبو صالح . الخامس : أن المراد بالزاني والزانية : المحدودان حكاه الزجاج ، وغيره عن الحسن قال : وهذا حكم من الله ، فلا يجوز لزان محدود أن يتزوّج إلاّ محدودة . وروي نحوه عن إبراهيم النخعي ، وبه قال بعض أصحاب الشافعي . قال ابن العربي : وهذا معنى لا يصح نظراً كما لم يثبت نقلاً . السادس : أن الآية هذه منسوخة بقوله سبحانه : { وَأَنْكِحُواْ الأيامى مّنكُمْ } قال النحاس : وهذا القول عليه أكثر العلماء . القول السابع : أن هذا الحكم مؤسس على الغالب ، والمعنى : أن غالب الزناة لا يرغب إلاّ في الزواج بزانية مثله ، وغالب الزواني لا يرغبن إلاّ في الزواج بزانٍ مثلهن ، والمقصود زجر المؤمنين عن نكاح الزواني بعد زجرهم عن الزنا ، وهذا أرجح الأقوال ، وسبب النزول يشهد له كما سيأتي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.