تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (9)

فلما التقطه آل فرعون ، حنَّن اللّه عليه امرأة فرعون الفاضلة الجليلة المؤمنة " آسية " بنت مزاحم " وَقَالَتِ " هذا الولد { قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ } أي : أبقه لنا ، لِتقرَّ به أعيننا ، ونستر به في حياتنا .

{ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } أي : لا يخلو ، إما أن يكون بمنزلة الخدم ، الذين يسعون في نفعنا وخدمتنا ، أو نرقيه منزلة أعلى من ذلك ، نجعله ولدا لنا ، ونكرمه ، ونجله .

فقدَّر اللّه تعالى ، أنه نفع امرأة فرعون ، التي قالت تلك المقالة ، فإنه لما صار قرة عين لها ، وأحبته حبا شديدا ، فلم يزل لها بمنزلة الولد الشفيق حتى كبر ونبأه اللّه وأرسله ، فبادرت إلى الإسلام والإيمان به ، رضي اللّه عنها وأرضاها .

قال اللّه تعالى هذه المراجعات [ والمقاولات ] في شأن موسى : { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } ما جرى به القلم ، ومضى به القدر ، من وصوله إلى ما وصل إليه ، وهذا من لطفه تعالى ، فإنهم لو شعروا ، لكان لهم وله ، شأن آخر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (9)

وقالت امرأة فرعون : قرة عين لي ولك ، لا تقتلوه ، عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ؛ وهم لايشعرون . .

لقد اقتحمت به يد القدرة على فرعون قلب امرأته ، بعد ما اقتحمت به عليه حصنه . لقد حمته بالمحبة . ذلك الستار الرقيق الشفيف . لا بالسلاح ولا بالجاه ولا بالمال . حمته بالحب الحاني في قلب امرأة . وتحدت به قسوة فرعون وغلظته وحرصه وحذره . . وهان فرعون على الله أن يحمي منه الطفل الضعيف بغير هذا الستار الشفيف !

( قرة عين لي ولك ) . .

وهو الذي تدفع به يد القدرة إليهم ليكون لهم - فيما عدا المرأة - عدوا وحزنا ! ( لا تقتلوه ) . .

وهو الذي على يده مصرع فرعون وجنده !

( عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) . .

وهو الذي تخبئ لهم الأقدار من ورائه ما حذروا منه طويلا !

( وهم لا يشعرون ) . .

فيا للقدرة القادرة التي تتحداهم وتسخر منهم وهم لا يشعرون !

وينتهي المشهد الثاني ويسدل الستار عليه إلى حين .

ذلك شأن موسى . فما بال أمه الوالهة وقلبها الملهوف ?