تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَٰعَهُمۡ وَجَدُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرٖۖ ذَٰلِكَ كَيۡلٞ يَسِيرٞ} (65)

ثم إنهم { وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ } هذا دليل على أنه قد كان معلوما عندهم أن يوسف قد ردها عليهم بالقصد ، وأنه أراد أن يملكهم إياها . ف { قَالُوا } لأبيهم - ترغيبا في إرسال أخيهم معهم - : { يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي } أي : أي شيء نطلب بعد هذا الإكرام الجميل ، حيث وفَّى لنا الكيل ، ورد علينا بضاعتنا على الوجه الحسن ، المتضمن للإخلاص ومكارم الأخلاق ؟

{ هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا } أي : إذا ذهبنا بأخينا صار سببا لكيله لنا ، فمرنا{[446]} أهلنا ، وأتينا{[447]} لهم ، بما هم مضطرون إليه من القوت ، { وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ } بإرساله معنا ، فإنه يكيل لكل واحد حمل بعير ، { ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } أي : سهل لا ينالك ضرر ، لأن المدة لا تطول ، والمصلحة قد تبينت .


[446]:- في ب: فنمير.
[447]:- في ب: ونأتي.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَٰعَهُمۡ وَجَدُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرٖۖ ذَٰلِكَ كَيۡلٞ يَسِيرٞ} (65)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَمّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَأَبَانَا مَا نَبْغِي هََذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } .

يقول تعالى ذكره : ولما فتح إخوة يوسف متاعهم الذي حملوه من مصر من عند يوسف ، وجدوا بضاعتهم ، وذلك ثمن الطعام الذي اكتالوه منه ردّت إليهم . قالُوا يا أبانا ما نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنا رُدّتْ إلَيْنا يعني أنهم قالوا لأبيهم : ماذا نبغي ؟ هذه بضاعتنا ردّت إلينا تطييبا منهم لنفسه بما صنع بهم في ردّ بضاعتهم إليه . وإذا وُجّه الكلام إلى هذا المعنى كانت «ما » استفهاما في موضع نصب بقوله : نَبْغِي . وإلى هذا التأويل كان يوجهه قتادة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ما نَبْغِي يقول : ما نبغي وراء هذا ، إن بضاعتنا رُدّت إلينا ، وقد أوفى لنا الكيلُ .

وقوله : وَنميرُ أهْلَنا يقول : ونطلب لأهلنا طعاما فنشتريه لهم ، يقال منه : مَارَ فلان أهله يَميرهم مَيْرا ، ومنه قول الشاعر :

بَعَثْتُكَ مائِرا فَمَكَثْتَ حَوْلاً *** مَتى يَأْتي غِياثُكَ مَنْ تُغِيثُ

وَنَحْفَظُ أخانا الذي ترسله معنا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ يقول : ونزداد على أحمالنا من الطعام حمل بعير يكال لنا ما حمل بعير آخر من إبلنا ، ذلكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ يقول : هذا حِمل يسير . كما :

حدثني الحارث ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج : وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ قال : كان لكل رجل منهم حمل بعير ، فقالوا : أرسل معنا أخانا نزداد حمل بعير . وقال ابن جريج : قال مجاهد : كَيْلَ بَعِيرٍ حمل حمار . قال : وهي لغة . قال القاسم : يعني مجاهد : أن الحمار يقال له في بعض اللغات : بعير .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ يقول : حمل بعير .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ نَعُد به بعيرا مع إبلنا ذلكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَٰعَهُمۡ وَجَدُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرٖۖ ذَٰلِكَ كَيۡلٞ يَسِيرٞ} (65)

{ ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم رُدّت إليهم } وقرئ { ردت } بنقل كسرة الدال المدغمة إلى الراء نقلها في بيع وقيل . { قالوا يا أبانا ما نبغي } ماذا نطلب هل من مزيد على ذلك أكرمنا وأحسن مثوانا وباع منا ورد علينا متاعنا . أو لا نطلب وراء ذلك إحسانا أو لا نبغي في القول ولا نزيد فيما حكينا لك من إحسانه . وقرئ " ما تبغي " على الخطاب أي : شيء تطلب وراء هذا الإحسان ، أو من الدليل على صدقنا ؟ { هذه بضاعتنا رُدّت إلينا } استئناف موضح لقوله { ما نبغي } . { ونمير أهلنا } معطوف على محذوف أي ردت إلينا فنستظهر بها ونمير أهلنا بالرجوع إلى الملك . { ونحفظ أخانا } عن المخاوف في ذهابنا وإيابنا . { ونزداد كيل بعير } وسق بعير باستصحاب أخينا ، هذا إذا كانت { ما } استفهامية فأما إذا كانت نافية احتمل ذلك واحتمل أن تكون الجمل معطوفة على { ما نبغي } ، أي لا نبغي فيما نقول { ونمير أهلنا ونحفظ أخانا } . { ذلك كيل يسير } أي مكيل قليل لا يكفينا ، استقلوا ما كيل لهم فأرادوا أن يضاعفوه بالرجوع إلى الملك ويزدادوا إليه ما يكال لأخيهم ، ويجوز أن تكون الإشارة إلى كيل بعير أي ذلك شيء قليل لا يضايقنا فيه الملك ولا يتعاظمه ، وقيل إنه من كلام يعقوب ومعناه ، إن حمل بعير شيء يسير لا يخاطر لمثله بالولد .