تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَلَوۡ أَرَادُواْ ٱلۡخُرُوجَ لَأَعَدُّواْ لَهُۥ عُدَّةٗ وَلَٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ فَثَبَّطَهُمۡ وَقِيلَ ٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡقَٰعِدِينَ} (46)

{ 46 -48 } { وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ *لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ }

يقول تعالى مبينا أن المتخلفين من المنافقين قد ظهر منهم من القرائن ما يبين أنهم ما قصدوا الخروج للجهاد بالكلية ، وأن أعذارهم التي اعتذروها باطلة ، فإن العذر هو المانع الذي يمنع إذا بذل العبد وسعه ، وسعى في أسباب الخروج ، ثم منعه مانع شرعي ، فهذا الذي يعذر .

{ و } أما هؤلاء المنافقون ف { لَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً } أي : لاستعدوا وعملوا ما يمكنهم من الأسباب ، ولكن لما لم يعدوا له عدة ، علم أنهم ما أرادوا الخروج .

{ وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ } معكم في الخروج للغزو { فَثَبَّطَهُمْ } قدرا وقضاء ، وإن كان قد أمرهم وحثهم على الخروج ، وجعلهم مقتدرين عليه ، ولكن بحكمته ما أراد إعانتهم ، بل خذلهم وثبطهم { وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ } من النساء والمعذورين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَلَوۡ أَرَادُواْ ٱلۡخُرُوجَ لَأَعَدُّواْ لَهُۥ عُدَّةٗ وَلَٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ فَثَبَّطَهُمۡ وَقِيلَ ٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡقَٰعِدِينَ} (46)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأعَدّواْ لَهُ عُدّةً وَلََكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ } .

يقول تعالى ذكره : ولو أراد هؤلاء المستأذنوك يا محمد في ترك الخروج معك لجهاد عدوّك الخروج معك . لاَءَعَدّوا لَهُ عُدّةً يقول : لأعدّوا للخروج عدّة ، ولتأهبوا للسفر والعدوّ أهبتهما . وَلكِنْ كَرِهَ اللّهُ انْبِعاثَهُمْ يعني : خروجهم لذلك . فَثَبّطَهُمْ يقول : فثقل عليهم الخروج حتى استخفوا القعود في منازلهم خلافك ، واستثقلوا السفر والخروج معك ، فتركوا لذلك الخروج . وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القاعِدِينَ يعني : اقعدوا مع المرضى والضعفاء الذين لا يجدون ما ينفقون ومع النساء والصبيان ، واتركوا الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمجاهدين في سبيل الله . وكان تثبيط الله إياهم عن الخروج مع رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ، لعلمه بنفاقهم ، وغشهم للإسلام وأهله ، وأنهم لو خرجوا معهم ضرّوهم ولم ينفعوا . وذكر أن الذين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القعود كانوا عبد الله بن أبيّ ابن سلول ، والجد بن قيس ، ومن كانا على مثل الذي كانا عليه . كذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : كان الذين استأذنوه فيما بلغني من ذوي الشرف منهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول ، والجد بن قيس ، وكانوا أشرافا في قومهم ، فثبطهم الله لعلمه بهم أن يخرجوا معهم فيفسدوا عليه جنده .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَلَوۡ أَرَادُواْ ٱلۡخُرُوجَ لَأَعَدُّواْ لَهُۥ عُدَّةٗ وَلَٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ فَثَبَّطَهُمۡ وَقِيلَ ٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡقَٰعِدِينَ} (46)

{ ولو أرادوا الخروج لأعدّوا له } للخروج . { عُدّة } أهبة وقرئ عده بحذف التاء عند الإضافة كقوله :

إن الخليط أجدّوا البين فانجردوا *** وأخلفوك عدّ الأمر الذي وعدوا

وعده بكسر العين بالإضافة وعدة بغيرها . { ولكن كره الله انبعاثهم } استدراك عن مفهوم قوله : { ولو أرادوا الخروج } كأنه قال ما خرجوا ولكن تثبطوا لأنه تعالى كره انبعاثهم أي نهوضهم للخروج . { فثبّطهم } فحسبهم بالجبن والكسل . { وقيل اقعدوا مع القاعدين } تمثيل لإلقاء الله كراهة الخروج في قلوبهم ، أو وسوسة الشيطان بالأمر بالقعود ، أو حكاية قول بعضهم لبعض ، أو إذن الرسول عليه السلام لهم والقاعدين يحتمل المعذورين وغيرهم وعلى الوجهين لا يخلو عن ذم .