تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلۡغَمَٰمِ وَنُزِّلَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ تَنزِيلًا} (25)

{ 25 - 29 } { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا * وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا }

يخبر تعالى عن عظمة يوم القيامة وما فيه من الشدة والكروب ، ومزعجات القلوب فقال : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ } وذلك الغمام الذي ينزل الله فيه ، ينزل من فوق السماوات فتنفطر له السماوات وتشقق وتنزل ملائكة كل سماء فيقفون صفا صفا ، إما صفا واحدا محيطا بالخلائق ، وإما كل سماء يكونون صفا ثم السماء التي تليها صفا وهكذا .

القصد أن الملائكة -على كثرتهم وقوتهم- ينزلون محيطين بالخلق مذعنين لأمر ربهم لا يتكلم منهم أحد إلا بإذن من الله ، فما ظنك بالآدمي الضعيف خصوصا الذي بارز مالكه بالعظائم ، وأقدم على مساخطه ثم قدم عليه بذنوب وخطايا لم يتب منها ، فيحكم فيه الملك الحق بالحكم الذي لا يجور ولا يظلم مثقال ذرة ولهذا قال : { وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا } لصعوبته الشديدة وتعسر أموره عليه ، بخلاف المؤمن فإنه يسير عليه خفيف الحمل .

{ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلۡغَمَٰمِ وَنُزِّلَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ تَنزِيلًا} (25)

ثم وصف - سبحانه - بعض الأهوال التى تحدث فى هذا اليوم فقال : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً } .

وقوله { تَشَقَّقُ } أصله تتشقق بمعنى تتفتح . والباء يصح أن تكون بمعنى عن ، وأن تكون للسببية أى : بسبب طلوعه منها ، وأن تكون للحال ، أى : ملتبسة بالغمام .

والغمام : اسم جنس جمعي لغمامة . وهى السحاب الأبيض الرقيق سمي بذلك لأنه يغم ما تحته ، أى : يستره ويخفيه .

والمعنى : واذكر - أيها العاقل لتعتبر وتتعظ - أهوال يوم القيامة . يوم تتفتح السماء وتتشقق بسبب طلوع الغمام منها ، ونزول الملائكة منها تنزيلا عجيبا غير معهود .

قال صاحب الكشاف : ولما كان انشقاق السماء بسبب طلوع الغمام منها جعل الغمام كأنه الذى تشقق به السماء ، كما تقول : شق السنام بالشفرة وانشق بها ، ونظيره قوله تعالى - :

{ السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ . . } فإن قلت : أي فرق بين قولك : انشقت الأرض بالنبات ، وانشقت عنه ؟ قلت : معنى انشقت به ، أن الله شقها بطلوعه فانشقت به . ومعنى انشقت عنه : أن التربة ارتفعت عند طلوعه .

والمعنى : أن السماء تتفتح بغمام يخرج منها ، وفى الغمام الملائكة ينزلون وفى أيديهم صحف أعمال العباد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلۡغَمَٰمِ وَنُزِّلَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ تَنزِيلًا} (25)

وقوله { ويوم تشقق السماء بالغمام } يريد يوم القيامة عن انفطار السماء ونزول الملائكة ووقوع الجزاء بحقيقة الحساب ، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر : «تشّقّق » بشد الشين والقاف . وقرأ الباقون بتخفيف الشين ، وقوله { بالغمام } أي يشقق عنه ، والغمام سحاب رقيق أبيض جميل لم يره البشر بعد إلا ما جاء في تظليل بني إسرائيل ، وقرأ جمهور القراء : «ونُزِّل الملائكةُ » بضم النون وشدّ الزاي المكسورة ورفع «الملائكةُ » على مفعول لم يسم فاعله ، وقرأ أبو عمرو في رواية عبد الوهاب : «ونزِل » بتخفيف الزاي المكسورة ، قال أبو الفتح : وهذا غير معروف لأن «نَزَل » لا يتعدى إلى مفعول فيبنى هنا «للملائكة » ، ووجهه أن يكون مثل زُكم الرجل وجُن ، فإنه لا يقال إلا أزْكمه الله وأَجنَّه وهذا باب سماع لا قياس{[8815]} . وقرأ أبو رجاء : «ونَزّل الملائكة » بفتح النون وشدّ الزاي . وقرأ الأعمش ، «وأنزل الملائكة » . وكذلك قرأ ابن مسعود . وقرأ أبي بن كعب : «ونزلت الملائكة » . وقرأ ابن كثير وحده :{[8816]} «وننزل الملائكةَ » بنونين وهي قراءة أهل مكة ، فرويت عن أبي عمرو «ونُزِّل الملائكةُ » بإسناد الفعل إليها . وقرأت فرقة : «وتنزل الملائكة » . وقرأ أبي بن كعب أيضاً : «وتنزلت الملائكة » .


[8815]:ويقول أبو الفتح أيضا بعد ذلك: "فإما أن يكون ذلك لغة لم تقع إلينا، وإما أن يكون على حذف المضاف، يريد: ونزل نزول الملائكة، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فأقام [الملائكة] مقام المصدر الذي كان مضافا إليها، كما فعل الأعشى في قوله: ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبت كما بات السليم مسهدا؟ فهو يريد: اغتماض ليلة أرمد، فنصب (ليلة) إذا إنما هو المصدر لا على الظرف؛ لأنه لم يرد: ألم تغتمض عيناك في ليلة أرمد، وإنما أراد: ألم تغتمض عيناك من الشوق والأسف اعتماضا مثل اغتماض ليلة رمد العين".
[8816]:يعني وحده من السبعة.