والاستفهام فى قوله - تعالى - : { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } للتقرير والتعظيم لما أقسم به - من مخلوقات . واسم الإِشارة " ذلك " يعود إلى تلك الأشياء التى أقسم الله - تعالى - بها .
والمراد بالحِجْر العقل ، وسمى بذلك لأنه يَحْجُر صاحبه ويمنعه عن ارتكاب ما لا ينبغى ، كما سمى عقلا ، لأنه يَعْقِل صاحبه عن ارتكاب السيئات ، كما يعقِل العقالُ البعيرَ عن الضلال .
والمعنى : هل فى ذلك الذى أقسمنا به من الفجر ، والليالى العشر ، والشفع والوتر قسم ، أى : مقسم به ، حقيق أن تؤكد به الأخبار عند كل ذى عقل سليم ؟ .
مما لا شك فيه أن كل ذى عقل سليم ، يعلم تمام العلم ، أن ما أقسم الله به من هذه الأشياء حقيق أن يقسم به ، لكونها - أى : هذه الأشياء - أمورا جليلة ، خليقة بالإِقسام بها لفخامة شأنها ، كما أن كل ذى عقل سليم يعلم - أيضا - أن المقسم بهذا المقسم ، وهو الله - عز وجل - صادق فيما أقسم عليه .
فالمقصود من وراء القسم بهذه الأشياء ، تحقيق المقسم عليه . بأسلوب فيه ما فيه من التأكيد والتشويق وتحقيق المقسم عليه .
وقوله : { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ } أي : لذي عقل ولب وحجا [ ودين ]{[30037]} وإنما سمي العقل حجْرًا لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال ، ومنه حجْرُ البيت لأنه يمنع الطائف من اللصوق بجداره الشامي . ومنه حجر اليمامة ، وحَجَرَ الحاكم على فلان : إذا منعه التصرف ، { وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا } [ الفرقان : 22 ] ، كل هذا من قبيل واحد ، ومعنى متقارب ، وهذا القسم هو بأوقات العبادة ، وبنفس العبادة من حج وصلاة وغير ذلك من أنواع القرب التي يتقرب بها [ إليه عباده ]{[30038]} المتقون المطيعون له ، الخائفون منه ، المتواضعون لديه ، الخاشعون لوجهه الكريم .
جملة معترضة بين القَسم وما بعده من جوابه أو دليل جوابه ، كما في قوله تعالى : { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } [ الواقعة : 76 ] .
والاستفهام تقريري ، وكونه بحرف { هل } لأن أصل { هل } أن تدل على التحقيق إذ هي بمعنى ( قد ) .
واسم الإشارة عائد إلى المذكور مما أقسم به ، أي هل في القسم بذلك قَسم .
وتنكير { قسمَ } للتعظيم أي قسم كاففٍ ومُقنع للمُقْسم له . إذا كان عاقلاً أن يتدبر بعقله .
فالمعنى : هل في ذلك تحقيق لما أُقسم عليه للسامع الموصوف بأنه صاحب حِجر .
والحِجْر : العقل لأنه يَحجرُ صاحبه عن ارتكاب ما لا ينبغي ، كما سمي عقلاً لأنه يعْقِل صاحبه عن التهافت كما يعقِل العِقال البعيرَ عن الضَّلال .
واللام في قوله : { لذي حجر } لام التعليل ، أي قَسَم لأجل ذي عقل يمنعه من المكابرة فيعلم أن المقسم بهذا القَسَم صادق فيما أقسم عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.