الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{هَلۡ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٞ لِّذِي حِجۡرٍ} (5)

وقال مقاتل : " هل " هنا في موضع إن . تقديره : إن في ذلك قسما لذي حجر . ف " هل " على هذا ، في موضع جواب القسم . وقيل : هي على بابها من الاستفهام الذي معناه التقرير ، كقولك : ألم أنعم عليك ، إذا كنت قد أنعمت . وقيل : المراد بذلك التأكيد لما أقسم به وأقسم عليه . والمعنى " : بل في ذلك مقنع لذي حجر . والجواب على هذا : " إن ربك لبالمرصاد " [ الفجر :14 ] . أو مضمر محذوف .

قوله تعالى : " لذي حجر " أي لذي لب وعقل . قال الشاعر :

وكيف يُرجَّى أن تتوبَ وإنما *** يُرَجَّى من الفتيان من كان ذا حِجْرِ

كذا قال عامة المفسرين ، إلا أن أبا مالك قال : " لذي حجر " : لذي ستر من الناس . وقال الحسن : لذي حلم . قال الفراء : الكل يرجع إلى معنى واحد : لذي حجر ، ولذي عقل ، ولذي حلم ، ولذي ستر ، الكل بمعنى العقل . وأصل الحجر : المنع . يقال لمن ملك نفسه ومنعها : إنه لذو حجر ، ومنه سمي الحجر ، لامتناعه بصلابته : ومنه حجر الحاكم على فلان ، أي منعه وضبطه عن التصرف ؛ ولذلك سميت الحجرة حجرة ، لامتناع ما فيها بها . وقال الفراء : العرب تقول : إنه لذو حجر : إذا كان قاهرا لنفسه ، ضابطا لها ، كأنه أخذ من حجرت على الرجل .