تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ} (14)

ثم قال تعالى : { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

هذا من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، و[ ذلك ] أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين ، أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم ، فإذا خلوا إلى شياطينهم - أي : رؤسائهم وكبرائهم في الشر - قالوا : إنا معكم في الحقيقة ، وإنما نحن مستهزءون بالمؤمنين بإظهارنا لهم ، أنا على طريقتهم ، فهذه حالهم الباطنة والظاهرة ، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ} (14)

ثم بين القرآن ما هم عليه من سلوك ذميم ، وأنهم يقابلون الناس بوجوه مختلفة فقال :

{ وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قالوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ . . . }

{ وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ } يقال ولاقيته إذا استقبلته وصادفته وكان قريباً منك . والمصدر اللقاء واللقى واللقية . والمقصود : استقبلوهم وكانوا في مواجهتهم وقريبا منهم . ومرادهم بقولهم " آمنا " أخلصنا الإِيمان بقلوبنا لأن الإِقرار باللسان معلوم منهم .

وإذا خلوا إلى شياطينهم ، أي : انفردوا مع رؤسائهم وقادتهم المشبهين الشياطين في تمردهم وعنوهم وصدهم عن سبيل الحق . يقال : خلابه وإليه ومعه ، خلوا وخلاء وخلوة : سأله أن يجتمع به في خلوة ففعل وأخلاه معه . أو المعنى : وإذا مضوا وذهبوا إلى شياطينهم ، يقال : خلا بمعنى مضى وذهب ، ومنه قوله تعالى { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } أي مضت .

وعبر عن حالهم مع المؤمنين بالملاقاة ، وعن حالهم مع الشياطين بالخلوة إيذانا بأن هؤلاء المنافقين لا أنس لهم بالمؤمنين ، ولا طمأنينة منهم إليهم فهم لا يجالسونهم ولا يسامرونهم ، وإنما كل ما هنالك أن يلقوهم في عرض طريق ، أما شأنهم مع شياطينهم فهم إليهم يركنون ، وإليهم يتسامرون ويتحادثون ، لذلك هم بهم يخلون .

والمعية في قولهم { إِنَّا مَعَكُمْ } ليزيلوا ما قد يجري في خراطراهم من أنهم فارقوا دينهم وانقلبوا إلى دين الإِسلام بقلوبهم .

ولم يؤكدوا ما خاطبوا به المؤمنين ، إذ قالوا لهم { آمَنَّا } ولم يقولوا " إنا آمنا " ليوهموهم أنهم بمرتبة لا ينبغي أن يترددوا في إيمانهم حتى يحتاجوا إلى تأكيد .

وقوله - تعالى - حكاية عنهم : { إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } . وارد مورد الجواب عما قد يعترض به عليهم شياطينهم إذا قالوا لهم : كيف تدعون أنكم معنا مع أنكم توافقون المؤمنين في عقيدتهم وتشاركونهم في مظاهر دينهم ؟ فكان جوابهم عليهم { إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } والاستهزاء : السخرية والاستخفاف بالغير ، يقال : هزأ منه وبه - كمنع وسمع - واستهزأ به ، أي : سخر . والمعنى : إننا نظهر للمؤمنين الموافقة على دينهم استخفافاً بهم وسخرية منهم ، لا أن ذلك صادر منا عن صدق وإخلاص .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ} (14)

1

ثم تجيء السمة الأخيرة التي تكشف عن مدى الارتباط بين المنافقين في المدينة واليهود الحانقين . . إنهم لا يقفون عند حد الكذب والخداع ، والسفه والادعاء ، إنما يضيفون إليها الضعف واللؤم والتآمر في الظلام :

( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا : آمنا ، وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا : إنا معكم ، إنما نحن مستهزؤون ) . .

وبعض الناس يحسب اللؤم قوة ، والمكر السيىء براعة . وهو في حقيقته ضعف وخسة . فالقوي ليس لئيما ولا خبيثا ، ولا خادعا ولا متآمرا ولا غمازا في الخفاء لمازا . وهؤلاء المنافقون الذين كانوا يجبنون عن المواجهة ، ويتظاهرون بالإيمان عند لقاء المؤمنين ، ليتقوا الأذى ، وليتخذوا هذا الستار وسيلة للأذى . . هؤلاء كانوا إذا خلوا إلى شياطينهم - وهم غالبا - اليهود الذين كانوا يجدون في هؤلاء المنافقين أداة لتمزيق الصف الإسلامي وتفتيته ، كما أن هؤلاء كانوا يجدون في اليهود سندا وملاذا . . هؤلاء المنافقون كانوا ( إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا : إنا معكم إنما نحن مستهزئون )- أي بالمؤمنين - بما نظهره من الإيمان والتصديق !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ} (14)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَإِذَا لَقُواْ الّذِينَ آمَنُواْ قَالُوَا آمَنّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىَ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوَاْ إِنّا مَعَكْمْ إِنّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ }

قال أبو جعفر : وهذه الآية نظير الآية الأخرى التي أخبر الله جل ثناؤه فيها عن المنافقين بخداعهم الله ورسوله والمؤمنين ، فقال : وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا باللّهِ وَباليَوْمِ الاَخِرِ ثم أكذبهم تعالى ذكره بقوله : وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ وأنهم بقيلهم ذلك يخادعون الله والذين آمنوا . وكذلك أخبر عنهم في هذه الآية أنهم يقولون للمؤمنين المصدقين بالله وكتابه ورسوله بألسنتهم : آمنا وصدّقنا بمحمدٍ وبما جاء به من عند الله ، خداعا عن دمائهم وأموالهم وذراريهم ، ودرءا لهم عنها ، وأنهم إذا خلوا إلى مَرَدَتِهم وأهل العتوّ والشرّ والخبث منهم ومن سائر أهل الشرك الذين هم على مثل الذي هم عليه من الكفر بالله وبكتابه ورسوله وهم شياطينهم وقد دللنا فيما مضى من كتابنا على أن شياطين كل شيء مردته قالوا لهم : إنّا مَعَكُمْ أي إنا معكم على دينكم ، وظهراؤكم على من خالفكم فيه ، وأولياؤكم دون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، إنما نحن مستهزئون بالله وبكتابه ورسوله وأصحابه . كالذي :

حدثنا محمد بن العلاء : قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال حدثنا بشر بن عمار عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : وَإذَا لَقُوا الّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا قال : كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم أو بعضهم ، قالوا : إنا على دينكم ، وإذا خلوا إلى أصحابهم وهم شياطينهم قالُوا إنّا مَعَكُمْ إنّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : وَإذَا لَقُوا اللّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ قال : إذا خلوا إلى شياطينهم من يهود الذين يأمرونهم بالتكذيب ، وخلاف ما جاء به الرسول قالُوا إنّا مَعَكُمْ أي إنا على مثل ما أنتم عليه إنّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ .

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : وَإذَا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ أما شياطينهم ، فهم رءوسهم في الكفر .

حدثنا بشر بن معاذ العقدي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة قوله : وَإذَا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ أي رؤسائهم وقادتهم في الشرّ ، قالُوا إنما نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أنبأنا معمر ، عن قتادة في قوله : وَإذَا خَلَوْا إلى شياطينِهِمْ قال : المشركون .

حدثني محمد بن عمرو الباهلي ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى بن ميمون ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عز وجل : وَإذَا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ قال : إذا خلا المنافقون إلى أصحابهم من الكفار .

حدثني المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، عن شبل بن عباد ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَإذَا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ قال أصحابهم : من المنافقين والمشركين .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق بن الحجاج ، عن عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس : وَإذَا خَلَوْا إلى شَياطِينهمْ قال إخوانهم من المشركين ، قالُوا إنا مَعَكُم إنّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزُءُونَ .

حدثنا القاسم بن الحسن ، قال : حدثنا الحسين بن داود ، قال : حدثني حجاج ، قال : قال ابن جريج في قوله : وَإذَا لَقُوا الذِينَ آمَنوا قالُوا آمَنا قال : إذا أصاب المؤمنين رخاء ، قالوا : إنا نحن معكم إنما نحن إخوانكم ، وإذا خلوا إلى شياطينهم استهزءوا بالمؤمنين .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال مجاهد : شياطينهم : أصحابهم من المنافقين والمشركين .

فإن قال لنا قائل : أرأيت قوله : وَإذَا خَلَوْا إلى شَياطينهم فكيف قيل «خلوا إلى شياطينهم » ولم يقل «خلوا بشياطينهم » ؟ فقد علمت أن الجاري بين الناس في كلامهم «خلوت بفلان » أكثر وأفشى من «خلوت إلى فلان » ، ومن قولك : إن القرآن أفصح البيان قيل : قد اختلف في ذلك أهل العلم بلغة العرب ، فكان بعض نحويي البصرة يقول : يقال خلوت إلى فلان ، إذا أريد به : خلوت إليه في حاجة خاصة لا يحتمل إذا قيل كذلك إلا الخلاء إليه في قضاء الحاجة . فأما إذا قيل : خلوت به احتمل معنيين : أحدهما الخلاء به في الحاجة ، والاَخر : في السخرية به ، فعلى هذا القول وَإذَا خَلَوْا إلى شَياطينهمْ لا شك أفصح منه لو قيل : «وإذا خلوا بشياطينهم » لما في قول القائل : «إذا خلوا بشياطينهم » من التباس المعنى على سامعيه الذي هو منتف عن قوله : وَإذَا خَلَوْا إلى شَياطينهمْ فهذا أحد الأقوال . والقول الاَخر أن تُوَجّه معنى قوله : وَإذَا خَلَوْا إلى شَياطينهم أي إذا خلوا مع شياطينهم ، إذ كانت حروف الصفات يعاقب بعضها بعضا كما قال الله مخبرا عن عيسى ابن مريم أنه قال للحواريين : مَنْ أنْصَارِي إلى اللّهِ يريد مع الله ، وكما توضع «على » في موضع «من » و«في » و«عن » و«الباء » ، كما قال الشاعر :

إذَا رَضِيَتْ عَليّ بَنُو قُشَيْرٍ *** لَعَمْرُ اللّهِ أعْجَبَنِي رِضَاها

بمعنى «عنّي » .

وأما بعض نحويي أهل الكوفة فإنه كان يتأوّل أن ذلك بمعنى : وَإذَا لَقُوا الذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنا وإذا صرفوا خلاءهم إلى شياطينهم فيزعم أن الجالب «إلى » المعنى الذي دل عليه الكلام : من انصراف المنافقين عن لقاء المؤمنين إلى شياطينهم خالين بهم ، لا قوله «خلوا » . وعلى هذا التأويل لا يصلح في موضع «إلى » غيرها لتغير الكلام بدخول غيرها من الحروف مكانها .

وهذا القول عندي أولى بالصواب ، لأن لكل حرف من حروف المعاني وجها هو به أولى من غيره ، فلا يصلح تحويل ذلك عنه إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها . ول«إلى » في كل موضع دخلت من الكلام حكم وغير جائز سلبها معانيها في أماكنها .

القول في تأويل قوله تعالى : إنّمَا نَحْنُ مُسْتهْزِءُونَ .

أجمع أهل التأويل جميعا لا خلاف بينهم ، على أن معنى قوله : إنّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ : إنما نحن ساخرون . فمعنى الكلام إذا : وإذا انصرف المنافقون خالين إلى مردتهم من المنافقين والمشركين قالوا : إنا معكم عن ما أنتم عليه من التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما جاء به ومعاداته ومعاداة أتباعه ، إنما نحن ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في قيلنا لهم إذا لقيناهم آمَنّا باللّهِ وباليَوْمِ الاَخِرِ . كما :

حدثنا محمد بن العلاء ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمار ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : قالوا : إنّمَا نَحْنُ مُسْتَهزِءُونَ ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : إنّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ : أي إنما نحن نستهزىء بالقوم ونلعب بهم .

حدثنا بشر بن معاذ العقدي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة : إنّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ : إنما نستهزىء بهؤلاء القوم ونسخر بهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق بن الحجاج ، عن عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : إنّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ أي نستهزىء بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ} (14)

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ( 14 )

و { لقوا } أصله لقيوا استثقلت الضمة على الياء فسكنت فاجتمع الساكنان فحذفت الياء . وقرأ ابن السميفع «لاقوا الذين » . وهذه كانت حال المنافقين إظهار الإيمان للمؤمنين وإظهار الكفر في خلواتهم بعضهم مع بعض( {[238]} ) ، وكان المؤمنون يلبسونهم على ذلك لموضع القرابة فلم تلتمس عليهم الشهادات ولا تقرر تعينهم في النفاق تقرراً يوجب لوضوحه الحكم بقتلهم وكان ما يظهرونه من الإيمان يحقن دماءهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنهم ويدعهم في غمرة الاشتباه مخافة أن يتحدث عنه أنه يقتل أصحابه فينفر الناس حسبما قال عليه السلام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال له في وقت قول عبد الله بن أبي ابن سلول : «لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل » القصة : «دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق » فقال : «دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه »( {[239]} ) .

فهذه طريقة أصحاب مالك رضي الله عنه في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين مع علمه بكفرهم في الجملة : نص على هذا محمد بن الجهم وإسماعيل القاضي والأبهري وابن الماجشون واحتج بقوله تعالى : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ملعونين إينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً }( {[240]} ) [ الأحزاب : 60-61 ] . قال قتادة : «معناه إذا هم أعلنوا النفاق » .

قال مالك رحمه الله : «النفاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزندقة فينا اليوم ، فيقتل الزنديق إذا شهد عليه بها دون استتابة ، لأنه لا يظهر ما يستتاب منه ، وإنما كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين ليسن لأمته أن الحاكم لا يحكم بعلمه إذ لم يشهد على المنافقين » .

قال القاضي إسماعيل : «لم يشهد على عبد الله بن أبي( {[241]} ) إلا زيد بن أرقم وحده ، ولا على الجلاس( {[242]} ) بن سويد إلا عمير بن سعد ربيبه وحده ، ولو شهد على أحد منهم رجلان بكفره ونفاقه لقتل » .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : أقوى من انفراد زيد وغيره أن اللفظ ليس بصريح كفر وإنما يفهم من قوته الكفر .

قال الشافعي رحمه الله : «السنة فيمن شهد عليه بالزندقة فجحد وأعلن بالإيمان وتبرأ من كل دين سوى الإسلام أن ذلك يمنع من إراقة دمه » . وبه قال أصحاب الرأي والطبري وغيرهم .

قال الشافعي وأصحابه : «وإنما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام بألسنتهم مع العلم بنفاقهم لأن ما يظهرونه يجب ما قبله فمن قال إن عقوبة الزنادقة أشد من عقوبة الكفار فقد خالف معنى الكتاب والسنة وجعل شهادة الشهود على الزنديق فوق شهادة الله على المنافقين » .

قال الله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون }( {[243]} ) [ المنافقون : 1 ] .

قال الشافعي وأبو حنيفة وابن حنبل وأهل الحديث : فالمعنى الموجب لكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين مع العلم بهم أن الله تعالى نهاه عن قتلهم إذا أظهروا الإيمان وصلوا فكذلك و الزنديق .

واحتج ابن حنبل بحديث عبيد الله بن عدي بن الخيار عن رجل من الأنصار في الذي شهد عليه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنفاق( {[244]} ) فقال : «أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ قالوا بلى ولا شهادة له ، قال : أليس يصلى ؟ قالوا بلى ولا صلاة له ، قال : أولئك الذين نهاني الله عنهم »

وذكر أيضاً أهل الحديث ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال فيهم : «لعل الله سيخرج من أصلابهم من يؤمن بالله ويصدق المرسلين ويخلص العبادات لرب العالمين »( {[245]} ) .

قال أبو جعفر الطبري في كتاب اللطيف في باب المرتد : «إن الله تعالى قد جعل الأحكام بين عباده على الظاهر وتولى الحكم في سرائرهم دون أحد من خلقه فليس لأحد أن يحكم بخلاف ما ظهر لأنه حكم بالظنون ، ولو كان ذلك لأحد كان أولى الناس به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حكم للمنافقين بحكم المسلمين بما أظهروا ووكل سرائرهم إلى الله وقد كذب الله

ظاهرهم في قوله تعالى : { والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } [ المنافقون : 1 ] .

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : ينفصل المالكيون( {[246]} ) عما ألزموه من هذه الآية( {[247]} ) بأنها لم تعين أشخاصهم وإنما جاء فيها توبيخ لكل مغموص( {[248]} ) عليه بالنفاق وبقي لكل واحد منهم أن يقول لم أرد بها ولا أنا إلا مؤمن ولو عين أحد لما جب كذبه شيئاً .

وقوله تعالى : { وإذا خلوا إلى شياطينهم } وصلت { خلوا } ب { إلى } وعرفها أن توصل بالباء( {[249]} ) فتقول خلوت بفلان من حيث نزلت { خلوا } في هذا الموضع منزلة ذهبوا وانصرفوا( {[250]} ) ، إذ هو فعل معادل لقوله { لقوا } ، وهذا مثل ما تقدم من قول الفرزدق : [ الرجز ]

كيف تراني قالباً مِجَنِّي . . . فقد قتل الله زياداً عني

لما أنزله منزلة صرف ورد .

قال مكي : «يقال خلوت بفلان بمعنى سخرت به فجاءت إلى في الآية زوالاً عن الاشتراك في الباء »( {[251]} ) . وقال قوم : { إلى } بمعنى مع ، وفي هذا ضعف ويأتي بيانه إن شاء الله في قوله تعالى : { من أنصاري إلى الله }( {[252]} ) [ آل عمران : 52 ، الصف : 14 ] .

وقال قوم : { إلى } بمعنى الباء إذ حروف المعاني يبدل بعضها من بعض . وهذا ضعيف يأباه الخليل وسيبويه وغيرهما .

واختلف المفسرون في المراد بالشياطين( {[253]} ) فقال ابن عباس رضي الله عنه : «هم رؤساء الكفر » .

وقال ابن الكلبي وغيره : «هم شياطين الجن » .

قال القاضي أبو محمد : وهذا في الموضع بعيد .

وقال جمع من المفسرين : «هم الكهان » . ولفظ الشيطنة الذي معناه البعد عن الإيمان والخير يعم جميع من ذكر والمنافقين حتى يقدر كل واحد شيطان غيره ، فمنهم الخالون ، ومنهم الشياطين .

و { مستهزئون } معناه نتخذ هؤلاء الذين نصانعهم( {[254]} ) بإظهار الإيمان هزواً ونستخف بهم .

ومذهب سيبويه رحمه الله أن تكون الهمزة مضمومة على الواو في { مستهزئون } . وحكى عنه علي أنها تخفف بين بين .

ومذهب أبي الحسن الأخفش أن تقلب الهمزة ياء قلباً صحيحاً فيقرأ «مستهزِيُون » .

قال ابن جني : «حمل الياء الضمة تذكراً لحال الهمزة المضمومة والعرب تعاف ياء مضمومة قبلها كسرة » .

وأكثر القراء على ما ذهب إليه سيبويه ، ويقال : «هزىء واستهزأ » بمعنى ، فهو «كعجب واستعجب » ، ومنه قول الشاعر( {[255]} ) [ أوس بن حجر ] : [ الطويل ]

ومستعجب مما يرى من أناتنا . . . ولو زبنته الحرب لم يترمرم


[238]:- قال أبو محمد بن قتيبة: النفاق في اللغة مأحوذ من "نفقاء اليربوع" وهو جحر من جحرته يخرج منه إذا أخذ عليه الجحر الذي دخل فيه، فيقال: قد نفق ونافق. شبه بفعل اليربوع، فإنه يدخل من باب، وكذلك المنافق يدخل في الإسلام، باللفظ، ويخرج منه بالعقد، والنفاق لفظ إسلامي لم تكن العرب قبل الإسلام تعرفه، أي بالمعنى المخصوص وهو ستر الكفر وإظهار الإيمان، وإن كان أصله معروفا عندهم، واعلم أن أبا محمد بن عطية رحمه الله تعرض في هذا المكان لعدد من المسائل المتعلقة بالنفاق والزندقة: المسألة الأولى: أن المؤمنين كانوا يتعاملون مع المنافقين برغم نفاقهم لموضع القرابة، فلم تلتمس عليهم الشهادات، ولم يقرر نفاقهم تقريرا يوجب الحكم بقتلهم، وكان ما يظهرونه من الإيمان كافيا لحقن دمائهم وعدم التعرض لأموالهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعرض عنهم ويدعهم في حالة الاشتباه. المسألة الثانية: اختلاف أئمة الإسلام في معنى إمساك النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين مع علمه بنفاقهم. فقال مالك وأصحابه: كان ذلك لمصلحة تأليف القلوب كما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي) وقد كان صلى الله عليه وسلم يعطي للمؤلفة قلوبهم مع علمه بسوء اعتقادهم تألفا، قال المؤلف رحمه الله: نص على هذا محمد بن الجهم، والقاضي إسماعيل، والأبهري، وابن الماجشون، واستدل بقوله تعالى: [لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا] قال قتادة: معناه: إذا هم أعلنوا النفاق. المسألة الثالثة: قال الإمام مالك رحمه الله: النفاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو الزندقة فينا اليوم، فيقتل الزنديق إذا شُهد عليه بها دون استتابة لأنه لا يظهر ما يُستتاب عليه، قال مالك رحمه الله: وإنما كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين ليَسُنَّ لأمته أن الحاكم لا يحكم بعلمه إذا لم يشهد على المنافقين –ولم يشهد على عبد الله بن أبي إلا زيد ابن أرقم وحده، ولا على الجُلاس بن سويد إلا عمير بن سعد ربيبه، ولو شهد رجلان بنفاقه وكفره لقتل. قال القاضي أبو محمد رحمه الله: أقوى من انفراد زيد وغيره بالشهادة أن اللفظ ليس بصريح في الكفر. وقال الشافعي رحمه الله: السنة فيمن يشهد عليه بالزندقة فجحد وأعلن الإيمان وتبرأ من كل دين سوى الإسلام أن ذلك يمنع من قتله، وبه قال أصحاب الرأي، والإمام أحمد، والطبري وغيرهم- قال الشافعي وأصحابه: وإنما منع رسول الله من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام مع العلم بنفاقهم، لأن ما يظهرونه يَجُبُّ ما قبله. وقال الإمام الطبري: جعل الله الأحكام بين عباده على الظاهر، وتولى الحكم في سرائرهم، دون أحد من خلقه، ولو كان ذلك لأحد كان أولى الناس به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حكم للمنافقين بحكم المسلمين بما أظهروا، ووكل سرائرهم إلى الله، وقد كذَّب الله ظاهرهم بقوله: [والله يشهد إن المنافقين لكاذبون]. قال أبو محمد بن عطية رحمه الله: ينفصل المالكية عما ألزموه من هذه الآية بأنها لم تعين أشخاصهم، وإنما جاء فيها توبيخ لكل مغموص عليه النفاق، وبقي لكل واحد منهم أن يقول: لم أرد بها وما أنا إلا مؤمن، ولو عين أحد لما جب كذبه شيئا. انظر "الموطأ" في "كتاب الأقضية" في باب (القضاء فيمن ارتد عن الإسلام).
[239]:- أخرج هذا الحديث الشيخان: البخاري ومسلم.
[240]:- الآيتان (60-61) من سورة الأحزاب.
[241]:- انظر التفسير لدى قوله تعالى: [ليخرجن الأعز منها الأذل] في سورة المنافقون.
[242]:- بالتخفيف، انظر التفسير لدى قوله تعالى: [يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر] الآية.
[243]:- الآية 1 من سورة المنافقون.
[244]:- رواه في مسنده. كما رواه الإمام مالك في موطئه. وعبيد الله بن عدي- كان من فقهاء قريش وعلمائها- توفي بالمدينة سنة 95هـ.
[245]:- رواه الإمام مسلم في مسنده الصحيح، فيما لقي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين، بلفظ: (أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا).
[246]:- أي يتخلصون من هذا الإلزام بأن الآية لم يكن فيها تعيين لأشخاصهم، ولا شهادة على أعيانهم، وإنما هي توبيخ لجملة المنافقين، وقد بحث الإمام (ق) رحمه الله فيما قاله ابن عطية، وقال: "هذا الانفصال فيه نظر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم، أو كثيرا منهم بإعلام الله تعالى إياه، وكان حذيفة بن اليمان يعلم ذلك، بإخبار النبي عليه السلام إياه"، وفي نظره نظر، فإن الانفصال مرده إلى الآية الكريمة التي شهد الله فيها أن المنافقين كاذبون من دون أن يبينهم، ولا أن يعينهم- وقد مضى قول الإمام مالك رحمه الله: إنما كف النبي صلى الله عليه وسلم عن المنافقين ليسُن لأمته أن الحاكم لا يحكم بعلمه إذا لم يشهد على المنافقين، وقيام الشهادة على المنافقين من باب الحكم بالظاهر، ومن شأن الشهادة التعيين للمشهود عليه، على أن العلم بهم إنما كان مستنده حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في تسمية أولئك الأربعة عشر منافقا في غزوة تبوك الذين هموا أن يفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في ظلماء الليل عند عقبة هناك، عزموا على أن يُنَفِّروا به الناقة ليسقط عنها، فأوحى الله إليه أمرهم فأطلع صلى الله عليه وسلم على ذلك حذيفة. فأما غير هؤلاء الأربعة عشر فقد قال الله تعالى: [وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم] الآية وقال تعالى: [لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم] الآية ففيها دليل أنه لم يغر بهم ولم يدل على أعيانهم، وإنما كانت تذكر له صفاتهم فيتوسمها في بعضهم كما قال تعالى: [ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم] الآية، وفي كلام ابن (ك) رحمه الله ما يشير إلى الاعتراض على (ق) انظره.
[247]:- أي في قوله تعالى: [والله يشهد إن المنافقين لكاذبون].
[248]:- يقال: رجل مغموص عليه أي مطعون في دينه ومتهم بنفاقه.
[249]:- يقال: خلا بفلان وإليه: اجتمع به في خلوة. وتعدية خلا بالباء في هذا المعنى أكثر استعمالا.
[250]:- إزالة للاشتراك كما يأتي، ومعلوم أن تضمين الأفعال أولى من تضمين الحروف.
[251]:- حيث يقال: خلوت بفلان: انفردت به، وخلوت بهن وخلوت بهك سخرت به. فالباء تدل على واحد من المعنيين، بخلاف إلى.
[252]:- أي الواردة في سورة آل عمران من الآية(52)، ونصه هناك: "وقد عبر عنها ابن جريج والسدي بأنها بمعنى (مع). ونعم: إن (مع) تسد في هذا المعنى مسد (إلى)، لكن ليس يباح من هذا أن (إلى) بمعنى (مع)، حتى غلط في ذلك بعض الفقهاء في تأويل قوله تعالى: [وأيديكم إلى المرافق] فقال: (إلى) بمعنى (مع) وهذه عجمة بلى (إلى) في هذه الآية غاية مجردة، وينظر: هل يدخل ما بعد إلى فيما قبلها من طريق آخر؟ اهـ. وقوله: و(نعم) جاءت في صدر الكلام للتأكيد، فهي بمعنى و(حقا). ولعله يقرب من هذا قول الشيخ عبد القاهر الجرجاني: ليس كل ما فيه معنى الشيء حكمه حكم ذلك الشيء، بمعنى أنه فرق بين أن يكون في الشيء معنى الشيء وأن يكون الشيء الشيء على الإطلاق.
[253]:- في مسند الإمام أحمد رحمه الله، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن)، فقلت: يا رسول الله، وللإنسان شياطين قال: (نعم).
[254]:- ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه) وقال: (من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان وهؤلاء بوجه) وقال: (من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار)، رواهما أبو داود في سننه.
[255]:- أوس بن حجر: وقوله تعالى: زبنته الحرب دفعته، وقوله: لم يترمرم أي لم يتحرك.