بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ} (14)

ثم قال تعالى : { وَإِذَا لَقُواْ الذين ءامَنُواْ قَالُوا آمَنَّا } ، نزلت هذه الآية في ذكر المنافقين ، منهم عبد الله بن أبي ابن سلول ، وجد بن قيس ، ومعتب بن قشير وغيرهم ؛ وذلك أن أبا بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم مرّوا بقوم من المنافقين ، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه : انظروا كيف أرد هؤلاء الجهال عنكم فتعلّموا مني كيف أكلمهم ، فأخذ بيد أبي بكر ، وقال : مرحباً بسيد بني تميم ، وثاني اثنين ، وصاحبه في الغار ، وصفيه من أمته ، الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أخذ بيد عمر قال : مرحباً بسيد بني عدي القوي في أمر الله تعالى ، الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أخذ بيد علي فقال : مرحباً بسيد بني هاشم ، ما خلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الباذل نفسه ودمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسابق إلى الهجرة ؛ فقال له علي : اتق الله يا عبد الله ولا تنافق ، فإن المنافقين شر خليقة الله . قال : فلم تقول هكذا وإيماني كإيمانكم وتصديقي كتصديقكم . ثم افترقوا ، فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتم ردي هؤلاء عنكم ؟ فقالوا : لا نزال بخير ما عشت لنا ، فنزلت الآية : { وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قَالُوا آمَنَّا } يعني إيماننا كإيمانكم ، وتصديقنا كتصديقكم .

قوله تعالى : { وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شياطينهم } قال الكلبي : يعني إلى كهنتهم وهم خمسة رهط من اليهود ، ولا يكون كاهن إلا ومعه شيطان ، منهم كعب بن الأشرف بالمدينة ، وأبو بردة الأسلمي في بني سليم ، وأبو السوداء بالشام ، وعبد الدار من جهينة ، وعوف بن مالك من بني أسد . ويقال : { وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شياطينهم } يعني إلى رؤسائهم في الضلالة . وقال أبو عبيدة : كل عات متمرد فهو شيطان ثم قال تعالى : { قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ } أي على دينكم { إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءونَ } بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم