الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ} (14)

وقوله تعالى : { وَإِذَا لَقُواْ الذين ءَامَنُواْ . . . } [ البقرة :13 ] .

هذه كانت حالَ المنافقين ، إِظهارُ الإيمان للمؤمنين ، وإِظهار الكفر في خلواتهم ، وكان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يعرض عنهم ، ويَدَعُهُمْ في غمرة الاشتباه ، مخافة أن يتحدَّثَ الناسُ عنه ، أنه يقتُلُ أصحابه حَسْبَمَا وقع في قِصَّة عبد اللَّه بن أُبَيٍّ بْنِ سَلُول ، قال مَالِكٌ : النِّفَاقُ في عهد رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم هو الزندقةُ اليَوْمَ ، واختلف المفسِّرون في المراد بشياطينهم ، فقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما : هم رؤساء الكفر ، وقيل : الكُهَّان ، قال البخاريُّ : قال مجاهدٌ : { إلى شياطينهم } ، أي : أصحابهم من المنافقين والمشركين .

قال : ( ص ) : ( شياطينهم ) : جمع شيطانٍ ، وهو كل متمرِّد من الجنِّ والإِنْسِ ، والدوابِّ . قاله ابن عبَّاس ، وأنثاه شيطانة . انتهى .

( ت ) : ويجب على المؤمن أن يجتنب هذه الأخلاق الذميمة ، وقد ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : « مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ » . رواه أبو داود ، وفيه عنه صلى الله عليه وسلم : « مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِي الدُّنْيَا ، كَانَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ » انتهى . من سنن أبي داود .